بقلم: يورونيوز
نشرت في
قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال مقابلة تلفزيونية، إن مصر رفضت ما وصفه بـ”عروض سخية وكبيرة” قُدمت لها مقابل الموافقة على تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. وأوضح أن القاهرة تلقت ثلاثة عروض منفصلة تضمنت مبالغ مالية ضخمة، شملت مقترحات لإلغاء الديون المصرية وتقديم حوافز اقتصادية أخرى، إلا أن هذه العروض قوبلت بالرفض القاطع.
وأكد عبد العاطي أن بلاده لا تساوم على مبادئها، وفي مقدمتها الالتزام بالقانون الدولي وحماية أمنها القومي، مشددًا على أن إخراج الشعب الفلسطيني من أرضه يعني عمليًا إنهاء القضية الفلسطينية، وهو سيناريو وصفه بأنه غير أخلاقي ومرفوض تمامًا.
وفي هذا الإطار، شدد عبد العاطي على أن تهجير الفلسطينيين يُعد أحد الخطوط الحمراء التي وضعها الرئيس عبد الفتاح السيسي للسياسة الخارجية المصرية، مشددًا على أن مصر لن تكون طرفًا في أي ظلم تاريخي يُرتكب بحق الشعب الفلسطيني، وأن معبر رفح لن يكون في أي وقت بوابة لتهجير السكان.
ولفت إلى أن إسرائيل تروّج لما تسميه “لتهجير الطوعي”، معتبرًا أن هذا الطرح مضلل، لأن خلق ظروف غير قابلة للحياة تدفع الناس إلى المغادرة يشكل تهجيرًا قسريًا وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
لقاء محتمل مع نتنياهو؟
نفى الوزير المصري بشكل قاطع أن تكون هناك نية لعقد اجتماع ثلاثي يضم السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونتنياهو، مؤكدًا أن هذه الأنباء غير صحيحة. وفي المقابل، أشار إلى أن عقد لقاء بين السيسي وترامب يبقى أمرًا ممكنًا، في ظل علاقات ممتدة قائمة على الثقة والشراكة الاستراتيجية، مرجحًا أن يتم ذلك خلال العام المقبل.
وأوضح عبد العاطي أن العلاقات بين مصر وإسرائيل يحكمها إطار معاهدة السلام الموقعة عام 1979، وأن القاهرة تظل ملتزمة بها طالما التزمت إسرائيل ببنودها وملاحقها الأمنية.
وأشار إلى أن التوترات الدبلوماسية تنشأ بطبيعتها نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية، والقتل المنهجي للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى ممارسات ضم الأراضي من قبل المستوطنين. واعتبر أن أي تقدم حقيقي في الملف الفلسطيني سينعكس إيجابًا على العلاقات الثنائية.
معبر رفح والضغوط الإقليمية
كان ترامب قد دعم علنًا فكرة إخراج الفلسطينيين قسرًا، وطرح في فبراير مقترحًا يقضي بأن تستقبل مصر والأردن كامل سكان غزة، على أن يُعاد بناء القطاع ليصبح “ريفييرا الشرق الأوسط”، وقد قوبلت هذا المقترح برفض قاطع من القاهرة وعمّان، وسط دعم عربي ودولي لموقف البلدين.
وخلال الأشهر الأخيرة، أعادت مصر التأكيد مرارًا على أن معبر رفح، وهو المنفذ الوحيد من غزة إلى الأراضي المصرية، لن يُستخدم كقناة لتهجير السكان. وأكد مسؤولون مصريون أن دور المعبر يقتصر على إدخال المساعدات الإنسانية وتنفيذ عمليات الإجلاء الطبي العاجل، وليس لإعادة التوطين.
ويأتي هذا الرفض الحازم في ظل قلق إقليمي أوسع من مقترحات قد تعيد تشكيل الواقع الديموغرافي في الشرق الأوسط وتضعف فرص تقرير المصير الفلسطيني.
وكان الجيش الإسرائيلي قد حاصر نحو 2.2 مليون فلسطيني داخل مساحة محدودة من قطاع غزة، فيما اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي مصر بأنها اختارت “سجن سكان غزة الذين يفضلون مغادرة منطقة الحرب”.
العلاقات الإسرائيلية-المصرية
خلال قمة عربية إسلامية عُقدت مؤخرًا في الدوحة، وصف السيسي إسرائيل بأنها “العدو”، محذرًا، إلى جانب قادة عرب آخرين، من أن اتفاقيات السلام القائمة معها باتت مهددة. ورغم أن مصر كانت أول دولة عربية توقّع معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979 بعد اتفاقيات كامب ديفيد، فإن هذا السلام ظل باردًا ومشحونًا بالتوتر.
داخليًا، واجهت الحكومة المصرية غضبًا متصاعدًا بسبب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة. ففي يوليو، هاجم محتجون مركزًا للشرطة في مدينة حلوان جنوب القاهرة، مطالبين بفتح الجانب المصري من معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وحتى بعد وقف إطلاق النار، ما زالت مسألة فتح المعابر الإسرائيلية تشكل نقطة توتر قائمة.
في المقابل، ربطت معاهدة السلام مصر بالتزامات معقدة مع كل من إسرائيل والولايات المتحدة. وتعتمد القاهرة على نحو 1.5 مليار دولار من المساعدات الأمريكية السنوية، معظمها دعم عسكري، مقابل الالتزام بالاتفاق. كما تنسق مصر وإسرائيل أمنيًا، وعملتا لعدة أشهر على مفاوضات مع حركة حماس للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإنهاء الحرب على غزة.
وترتبط الدولتان أيضًا بعلاقات اقتصادية أيضًا، وقد كشفت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” مؤخرًا، أن نتنياهو يخطط للسفر إلى القاهرة لتوقيع اتفاقية ضخمة لتزويد مصر بالغاز الطبيعي بقيمة مليارات الدولارات.

