بقلم: يورونيوز
نشرت في
على تلة مرتفعة في سديروت، أُقيمت منصة أُطلق عليها اسم “سينما سديروت”، مُجهّزة بمناظير مدفوعة الأجر تتيح رؤية مباشرة لشمال قطاع غزة.
مقابل خمسة شواقل، أي ما يعادل نحو 1.30 يورو، يستطيع الزائر استخدام المنظار لمراقبة ما يجري خلف الحدود، بينما تتجمع عائلات إسرائيلية، بمن فيهم أطفال، لمتابعة القصف والدمار والقتل بشكل “مباشر”، في مشهد يحوّل معاناة الفلسطينيين إلى “عرض سينمائي” مجرّد من أي بُعد إنساني.
هذا الموقع، المطلّ على قطاع غزة الذي تعرّض لقصف شبه متواصل لنحو عامين، أثار موجة انتقادات واسعة بعد أن نشر شخص يُعرّف عن نفسه باسم the.salukie، ويقدّم نفسه على أنه صحافي، وصانع أفلام وكاتب وناشط، ويعمل على تغطية الشأن الفلسطيني، مقطع فيديو من المكان عبر حسابه على منصتي “انستغرام” و “تيك توك”.
في الفيديو، استخدم نبرة نقدية ساخرة، مشيرًا إلى وجود جنود إسرائيليين يشاهدون “عرضاً”، قبل أن يشير إلى المنظار الموضوع خصيصًا لمراقبة غزة، معتبرًا أن الأمر الأكثر فظاعة هو فرض رسم مالي لمشاهدة الفلسطينيين وهم يُقتلون.
الفيديو سرعان ما انتشر وأشعل غضبًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وُصف المشهد من قبل مستخدمين كثر بأنه “لا إنساني” ويمثل “انحدارًا أخلاقيًا”.
وبعض التعليقات التي رافقت الفيديو اعتبرت أن ما يحدث يكشف مستوى جديدًا من الوحشية، فيما وصف آخرون القائمين على هذه الممارسات بأنهم “مجموعة من المتوحشين والمرضى”، في تعبير عن صدمة أخلاقية تتجاوز حدود السياسة المباشرة.
تداعيات مستمرة للحرب في غزة
يأتي انتشار هذا الفيديو في سياق إنساني أشد قسوة داخل قطاع غزة نفسه، فرغم انتهاء الحرب رسميًا، لا تزال الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار مستمرة منذ دخوله حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
ووفق توثيق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سُجّل حتى الأحد الماضي 969 خرقًا ارتكبتها قوات الجيش الإسرائيلي داخل القطاع. كما ارتفعت حصيلة القتلى منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 71 ألفًا و266 قتيلًا، إضافة إلى 171 ألفًا و222 مصابًا.
إلى جانب الخسائر البشرية، تتفاقم الأزمة الإنسانية بفعل عوامل طبيعية وأخرى بنيوية. فقد أدت الأمطار الغزيرة والرياح القوية إلى غمر خيام أُقيمت في مناطق منخفضة واقتلاع أخرى، ما فاقم أوضاع آلاف النازحين، في ظل أوضاع معيشية هشّة أساسًا.
ويترافق ذلك مع نقص حاد في مقومات الحياة الأساسية، إضافة إلى تفاقم أزمة الغذاء وسوء التغذية، وسط تحذيرات من استخدام التجويع كوسيلة ضغط عبر منع وصول المساعدات بالكميات المتفق عليها لتغطية الاحتياجات.
كما يهدد النقص الحاد في الوقود تشغيل المرافق الحيوية، فيما أطلقت منظمات إنسانية تحذيرات متكررة من أزمة صحية حادة قد تؤدي إلى توقف الخدمات الطبية، في ظل الضغط المتزايد على القطاع الصحي واستمرار القيود المفروضة على الإمدادات الأساسية، فضلًا عن الدمار الاقتصادي الواسع الذي طال مختلف مناحي الحياة.

