بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن حركة حماس ما زالت تعيش حالة “انقسام داخلي عميق” حول كيفية التعامل مع الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ففي حين يميل قادة الجناح السياسي للحركة المقيمون في قطر إلى قبول الخطة، يبدي القادة العسكريون داخل غزة رفضًا للتخلي عن السلاح وإطلاق سراح الرهائن.
وبحسب الصحيفة، أعلنت الحركة، يوم الجمعة، أنها مستعدة لإطلاق سراح الرهائن، في خطوة وُصفت بأنها بارزة تعزز جهود ترامب لإنهاء الحرب. غير أن البيان حمل صياغات حذرة فسّرها مراقبون بأنها قد تعرقل التوصل إلى اتفاق نهائي.
وأشارت مصادر عربية مشاركة في الوساطة إلى أن غياب التوافق الداخلي في حماس حول مسألة نزع السلاح وشروط إطلاق الرهائن يمثل العقبة الأساسية، وهما الشرطان الأهم في خطة ترامب.
“انقسام” بين السياسيين والعسكريين
أوضحت الصحيفة أن خليل الحية، كبير مفاوضي حماس، وعددًا من المسؤولين السياسيين الآخرين يدعمون القبول بالمقترح رغم تحفظات كبيرة، لكن تأثيرهم محدود على الجناح العسكري الذي لا يزال متمركزًا في غزة.
وأضافت أن عز الدين الحداد، الذي تولى قيادة حماس في غزة بعد مقتل يحيى ومحمد السنوار، أبدى استعدادًا للتوصل إلى تسوية، حيث أبلغ الوسطاء بموافقته على تسليم الصواريخ والأسلحة الهجومية لمصر والأمم المتحدة مقابل الاحتفاظ بالأسلحة الفردية التي تعتبرها الحركة دفاعية.
إلا أن قادة عسكريين آخرين أبدوا خشيتهم من عجزهم عن فرض الالتزام بقرار نزع السلاح على المقاتلين، خاصة بعد أن ضمّت الحركة أعدادًا كبيرة من الشبان منذ بداية الحرب، كثير منهم فقدوا منازلهم أو أقاربهم، وهو ما قد يجعلهم غير مستعدين للتخلي عن السلاح.
بنود “مثيرة للجدل”
أكثر النقاط إثارة للجدل في الخطة تتعلق بمطالبة حماس بالتخلي عن أسلحتها وتسليمها، وإطلاق سراح 48 رهينة إسرائيليًا – أحياء وأمواتًا – خلال 72 ساعة من الموافقة على الاتفاق.
ويعتبر منتقدون داخل الحركة أن المقترح ليس اتفاق سلام بل مجرد “هدنة لـ72 ساعة”، معبرين عن انعدام الثقة في إسرائيل. وكانت حماس قد طالبت، الجمعة، بمزيد من “المفاوضات لمناقشة التفاصيل”، بما يشمل مسألة إطلاق الرهائن.
ترامب علّق عبر منصاته الاجتماعية قائلاً إنه يعتقد أن “حماس مستعدة لسلام دائم”، ودعا إسرائيل إلى “وقف فوري للقصف في غزة” لضمان ظروف آمنة لإطلاق الرهائن. لكن الوسطاء أشاروا إلى أن قادة حماس العسكريين يصرون على ربط أي إفراج عن الرهائن بجدول زمني واضح لانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.
ردود إسرائيلية وأميركية
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبدى ردًا مشروطًا على موقف حماس، مؤكدًا أن إسرائيل ستبدأ استعداداتها لإطلاق سراح الرهائن بالتنسيق مع ترامب لإنهاء الحرب “وفق شروط إسرائيل والرئيس الأميركي”.
في حين قالت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إنها ستتحول إلى وضع أكثر دفاعية استعدادًا لعملية الإفراج عن الرهائن، لكنها سترد سريعًا “على أي تهديد”.
في المقابل، علّق السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام على رد حماس واصفًا إياه بأنه “رفض فعلي” لخطة ترامب، قائلاً إن الحركة لم توافق على نزع السلاح وربطت إطلاق الرهائن بمفاوضات إضافية.
تحديات ميدانية
يرى مراقبون أن بيان حماس جاء أيضًا لكسب الوقت في محاولة لحل الخلافات الطويلة بين جناحيها السياسي والعسكري، وهي خلافات رافقتها منذ اندلاع الحرب مع إسرائيل عقب هجوم السابع من أكتوبر 2023.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجناح العسكري خسر معظم قياداته البارزة وآلاف المقاتلين ذوي الخبرة، فيما تعاني الوحدات الجديدة من ضعف التدريب وصعوبة التنسيق نتيجة تشديد إسرائيل قبضتها على غزة.
وللتأقلم مع هذه الظروف، لجأت الحركة إلى تفويض القرار لمجموعات صغيرة تتخذ قرارات مستقلة في مهاجمة القوات الإسرائيلية باستخدام المتفجرات والقناصة وقذائف “آر بي جي”.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن هذا يعكس انهيار منظومة القيادة والسيطرة المركزية في الحركة، رغم استمرارها في القتال.
ضغوط إقليمية
الصحيفة أشارت أيضًا إلى أن قطر ومصر وتركيا كثفت ضغوطها على قيادة حماس، محذّرة من أن هذه هي “الفرصة الأخيرة” لإنهاء الحرب، وأن رفض العرض سيعني خسارة الدعم السياسي والدبلوماسي.
وفي المقابل، حذّر وسطاء من أن قبول الخطة قد يدفع بعض مقاتلي حماس إلى الانشقاق والانضمام إلى فصائل فلسطينية أخرى مثل حركة الجهاد الإسلامي.
ترامب كتب في ختام رسالته: “نحن بالفعل في مرحلة مناقشة التفاصيل. الأمر لا يتعلق بغزة فقط، بل بتحقيق سلام طال انتظاره في الشرق الأوسط”.