من المعروف أن الجنرال سوروفيكين واحد من أبرز المقربين من بريغوجين، وكانت وزارة الدفاع عينته ليلعب دور صلة الوصل بينها وبين مجموعة فاغنر، يوم انفجر الخلاف علناً، وانتقد بريغوجين تراخي المؤسسة العسكرية، فسادها، وتلكؤها في تسليمه الذخائر. فماذا نعرف عن دوره في التمرد الأخير؟
قال مسؤولون أمريكيون اطلعوا على إفادات من أجهزة الاستخبارات في البلاد إن أحد أكبر جنرالات الجيش الروسي كان يعلم بمخطط قائد مجموعة فاغنر شبه العسكرية، يفغيني بريغوجين، بالتمرّد على القيادة العسكرية.
وأشار المسؤولون إلى أنهم يحاولون معرفة ما إذا ساعد الجنرال سيرغي سوروفيكين، الذي كان في السابق قائداً للعمليات العسكرية في أوكرانيا، وخلفه في المهمة رئيس الأركان فاليري غيراسيموف، بريغوجين في التخطيط للعملية التي شكلت التهديد الأكبر للرئيس فلاديمير بوتين منذ استلامه السلطة قبل 23 عاماً.
سوروفيكين الكفوء باعتراف الغرب
من المعروف أن الجنرال سوروفيكين واحد من أبرز المقربين من بريغوجين، وكانت وزارة الدفاع عينته ليلعب دور صلة الوصل بينها وبين مجموعة فاغنر، يوم انفجر الخلاف على العلن، وانتقد بريغوجين تراخي المؤسسة العسكرية، فسادها، وتلكؤها في تسليمه الذخائر.
وسوروفيكين أحد الجنرالات الذين يكن لهم أفراد المؤسسة العسكرية، والشعب الروسي، احتراماً كبيراً، وكان ساهم في تعزيز دفاعات الجيش الروسي على نحو 1.000 كيلومتر من خط الجبهة، بعد هجوم مضاد ناجح وخاطف شنته القوات الأوكرانية في خاركيف.
ويعتبر الأمريكيون سوروفيكين على رأس التيار العسكري المتشدد في المؤسسة العسكرية، الذي يدعو إلى محاربة أوكرانيا بكل السبل المتاحة.
ورغم أن غيراسيموف حلّ مكان سوروفيكين في تغييرات لها صلة بتطور الأحداث العسكرية، وأيضاً بالسياسة الداخلية الروسية، حافظ الجنرال “أرمغدون” على صورة ممتازة في الأوساط العسكرية.
ولكن ليس فقط في روسيا؛ حتى في الولايات المتحدة، يرى مسؤولون عسكريون أن سوروفيكين يتمتع بكفاءة لا يمتلكها نظراؤه في القيادة العسكرية، وهؤلاء يقولون إن تحييده من ساحة المعركة سينعكس إيجاباً على العمليات العسكرية الأوكرانية.
ومن هذه الزاوية يمكن تفسير الصعوبة التي سيواجهها بوتين في حال وصله ملف من الاستخبارات يؤكد ضلوع سوروفيكين في التآمر بشكل أو آخر.
بريغوجين راهن على الدعم العسكري
نقلت صحيفة نيويورك تايمز نقلاً عن المسؤولين قولهم إن هناك إشارات إلى احتمال تورّط قادة عسكريين روس آخرين في محاولة بريغوجين لتغيير القيادة العسكرية بالقوة، مشيرة إلى استنتاج مسؤولين سابقين وحاليين في هذا الصدد ومفاده أن بريغوجين لم يكن ليقدم على خطوته بالغة الخطورة من هذا النوع، لو لم يكن متأكداً من تلقي الدعم من آخرين في موقع السلطة.
وهذا ما قاله أيضاً محللون مستقلون. فبريغوجين توقع أن تنضم وحدات كثيرة من الجيش الروسي إلى قافلته المتوجهة إلى موسكو، لقلب الطاولة على القيادة العسكرية.
وإذا تأكد تورّط سوروفيكين في أحداث نهاية الأسبوع الفائت، فإن ذلك سيكون بمثابة أكبر دليل على النزاع الداخلي الذي يعصف بالمؤسسة العسكرية الروسية منذ بدء الحرب في أوكرانيا، وهو نزاع أدى إلى اصطفاف حاد بداخلها: ضبّاط مع بريغوجين، وآخرون مع وزير الدفاع، سيرغي شويغو، وقائد الأركان غيراسيموف، المقربيْن من بوتين.
وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أنّ على بوتين الآن معرفة ما إذا كان سوروفيكين قد ساعد بريغوجين حقاً في التمرّد، وبناء على ذلك سيتخذ الإجراءات اللازمة، التي تختصر على الأرجح بإقالته من موقعه.
“الفيديو الصعب”
كان سوروفيكين ظهر عبر الفيديو بعد ساعات من إعلان بريغوجين التمرّد و”التوجه إلى موسكو من أجل العدالة”، ووجه كلمة لقائد فاغنر حيث دعاه فيها إلى التراجع عن مخططه. وبدا سوروفيكين في الفيديو عابساً، وكان يضع يده على السلاح.
وأثار الفيديو تكهنات عدة:
- استنتج مراقبون أنّ ظهور سوروفيكين بهذا الشكل، ومخاطبته فاغنر وبريغوجين بهذه النبرة، ينزع فرضية الـMaskirovka، أي المكر أو الخداع العسكري. ففي ذلك الوقت كان البعض لا يزال يعتقد أن ما يجري مجرّد تمويه لعملية عسكرية أوسع سيقوم بها الجيش الروسي في أوكرانيا.
- غير أن مسؤولاً أمريكياً سابقاً تحدث إلى نيويورك تايمز، وقال إن “لغة سوروفيكين الجسدية” أوحت أنه في موقف حرج لأنه كان يدين حليفه السابق. فهو قبل كل شيء يوافق بريغوجين على نظرته للقيادة العسكرية.
نقطة أخيرة
هناك فيديو آخر أيضاً أثار تكهنات عدة ونشره الجنرال فلاديمير أليكسييف. فالجنرال المقرب أيضاً من بريغوجين وسوروفيكين وصف خطوة فاغنر بالطعنة في الظهر.
ولكن بعد ساعات ظهر في مقر القيادة في روستوف وهو يتحدث إلى قائد فاغنر بعد سيطرة قواته على المقر. هذا ما يرجح فكرة أن بريغوجين كان يراهن على دعم عسكري أوسع للتخلص من شويغو وغيراسيموف.