بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
اعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مجمع سجن إيفين في العاصمة الإيرانية طهران يوم 23 حزيران/يونيو 2025، كانت “عشوائية بشكل غير قانوني”، وتسببت في مقتل وإصابة عشرات المدنيين من دون وجود هدف عسكري واضح، مؤكدة أن هذه الضربات “قد ترقى إلى جريمة حرب”.
وجاء ذلك في تقرير موسع أصدرته المنظمة اليوم الخميس 14 آب/أغسطس، حلل وقائع الهجوم ضمن جولة التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران في حزيران/يونيو، والتي شملت ضربات متبادلة أسفرت عن مئات القتلى والجرحى في الجانبين.
تفاصيل الهجوم
أوضحت المنظمة أن الضربات نُفذت بين الساعة 11:17 صباحًا و12:18 ظهرًا، واستهدفت مباني متفرقة في مجمع السجن الذي تبلغ مساحته 43 هكتارًا، أثناء ساعات الزيارة، حيث كان يُحتجز داخله أكثر من 1500 سجين، بينهم ناشطون ومعارضون تقول المنظمة إن السلطات الإيرانية تعتقلهم تعسفيًا.
ووثقت “هيومن رايتس ووتش” تدمير المدخلين الجنوبي والشمالي للسجن، بما في ذلك مبنى “استعلامات الزوار” الذي دمّر بالكامل، إضافة إلى قاعة الزيارة ومبنى نيابة السجن المعروف بـ”مكتب المدعي شهيد مقدس”. كما أُصيبت مبانٍ أساسية أخرى مثل المطبخ المركزي، العيادة الطبية، ومناطق تضم أجنحة عدة منها الجناح 4 و8 وأقسام 209 و240 و241 والجناح المخصص للسجينات.
وأشارت المنظمة إلى تضرر قسم الحجر الصحي الذي كان يضم معتقلين جدد، بينهم سجناء متحولون جنسياً، فضلاً عن تدمير مستودعات ومبانٍ إدارية مثل مبنى “الموتوري” المخصص لتسجيل السجناء، ووحدات الحماية التابعة لإدارة السجون.
في المنطقة الشمالية، دُمّر المدخل المشترك لقاعة الزيارة ومجمع كاتشوي القضائي، الذي يضم مكاتب مساعدي النيابة ويتعامل مع طلبات الإفراج المؤقت أو المشروط. وشملت الأضرار كذلك الطريق الداخلي بين الأجنحة الشمالية والوسطى، وأجزاء من مواقف السيارات.
شهادات الناجين والشهود
وبحسب التقرير، ذكر السجينان السياسيان أبو الفضل قدياني ومهدي محموديان أنهما سمعا “أصوات انفجارات متكررة” قرب جناحهما، وشاهدا العيادة الطبية وهي تحترق والمستودع الغذائي وقد دمّر. وأوضحا أن السجناء أخرجوا بين 15 و20 جثة من تحت الأنقاض، بينها موظفون في العيادة، حراس، ومسؤولون من قسم 209.
بدورها، قالت الطبيبة المتطوعة سعيدة مكرم إنها أُصيبت إثر انهيار أجزاء من المبنى عليها، وأن السجناء أنقذوها قبل أن تخضع لجراحة لإعادة زرع يدها، مؤكدة مقتل طبيب آخر في العيادة.
من خارج السجن، وثق التقرير مقتل الفنانة مهرانغيز إيمانبور، ورجل الأعمال علي أصغر بازوكي، إضافة إلى آخرين كانوا في محيط المجمع وقت الهجوم.
كما نقل التقرير شهادة الفنان الإيراني دانيال مقدم الذي اعتُقل قبل يوم من الهجوم، وكان محتجزًا في قسم الحجر الصحي، حيث انهارت الجدران والسقف عليه وعلى سجناء آخرين.
غياب الهدف العسكري
أكّدت “هيومن رايتس ووتش” أن تحليلها للصور الفضائية، ومقاطع الفيديو، وشهادات الشهود، لم يُظهر أي وجود لعناصر أو معدات عسكرية داخل السجن وقت الهجوم، ما يجعله “هدفًا مدنيًا” بموجب القانون الدولي الإنساني.
كما أشارت إلى أن تصريحات مسؤولين إسرائيليين بعد الضربة لم تشر إلى أهداف عسكرية، بل وصفوا السجن بأنه “رمز للقمع الإيراني” أو مقر لـ”نشاطات استخباراتية”، من دون تقديم أي أدلة.
وذكر التقرير أن صور الأقمار الصناعية أظهرت ما لا يقل عن ثمانية مواقع تأثير داخل المجمع، وأن طبيعة الأضرار تشير إلى استخدام أنواع مختلفة من الذخائر، بما في ذلك ذخائر بصواعق تأخير.
أرقام الضحايا
أعلنت السلطة القضائية الإيرانية في 9 تموز/يوليو أن الهجوم أسفر عن مقتل 80 شخصًا، بينهم موظفون قضائيون وإداريون، 5 عاملات اجتماعيات، طفل يبلغ 5 سنوات، و13 شابًا يؤدون الخدمة الوطنية الإلزامية. كما أكدت مقتل 5 سجناء، لكن من دون الكشف عن أسمائهم، ما أثار مخاوف من إخفاء قسري بحقهم.
ولم تُعلن السلطات أي إحصاء رسمي بعدد المصابين، لكن عائلات الضحايا ذكرت أن قوائم المستشفيات تضمنت بين 20 و25 مصابًا في مستشفى واحد فقط.
دعوة للمساءلة
أكد مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش” أن “الهجمات الإسرائيلية على سجن إيفين في 23 حزيران/يونيو قتلت وأصابت عشرات المدنيين من دون أي هدف عسكري واضح، في انتهاك لقوانين الحرب، وهي هجمات قد ترقى إلى جريمة حرب”.
وأضاف أن هذا الهجوم “عرّض للخطر حياة سجناء كانوا بالفعل ضحايا للقمع الوحشي من قبل السلطات الإيرانية”، داعيًا إلى تحقيقات مستقلة ومحاسبة جميع الأطراف عن الانتهاكات.
وجاءت هذه الضربات ضمن جولة من الأعمال العدائية بين 13 و25 حزيران/يونيو، شملت هجمات إسرائيلية على مناطق مأهولة ومنشآت نفطية ونووية، وردًا إيرانيًا بصواريخ ومسيرات أصابت مناطق سكنية ومنشآت حيوية في إسرائيل، إضافة إلى دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة بضرب مواقع نووية إيرانية، ورد إيران بقصف قاعدة العديد الأميركية في قطر.