أكد وزير الخارجية السوري المؤقت، أسعد الشيباني، أن العلاقات بين سوريا وكل من إيران وروسيا ما تزال تمثل “جرحا مفتوحا” للشعب السوري، مشيرا إلى دعم هاتين الدولتين للرئيس السابق بشار الأسد خلال سنوات الحرب الأهلية الطويلة.
وقال الشيباني، في كلمة ألقاها أمام قمة الحكومات العالمية في دبي يوم الأربعاء، إن هناك إشارات “إيجابية” من موسكو وطهران، دون أن يقدم تفاصيل إضافية.
وشدد على رغبة الحكومة الجديدة في دمشق بتحسين العلاقات مع الغرب ورفع العقوبات عن سوريا للبدء في إعادة إعمار البلاد بعد 14 عاماً من الحرب المدمرة.
وأضاف الشيباني: “سوريا استعادت حريتها وكرامتها” بعد عقود من الاستبداد، مشيراً إلى أن مشاركته في قمة دبي تعكس جهود القوى التي أطاحت بنظام بشار الأسد في ديسمبر لكسب أصدقاء جدد على الساحة الدولية.
“الجرح الروسي الإيراني”
وفيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية والأوروبية، أوضح الشيباني أن تكلفة إعادة إعمار سوريا تقدر بما لا يقل عن 250 مليار دولار، في حين يعاني 90% من السكان من الفقر، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من النصف مقارنة بما كان عليه قبل الحرب. وقال: “العقوبات فُرضت على النظام السوري نتيجة لممارساته القمعية، لكن بعد سقوطه كان يجب رفعها”.
وفيما يخص العلاقات مع روسيا وإيران، قال الشيباني : “الشعب السوري لديه جراح وآلام عانى منها على يد هاتين الدولتين. ومن أجل استعادة العلاقة، يجب أن يشعر الشعب السوري بالارتياح تجاه هذه العلاقة”.
مع الإشارة إلى أنّ موسكو تأمل في الحفاظ على قواعدها الجوية والبحرية في سوريا على البحر المتوسط، بينما استخدمت إيران سوريا كنقطة عبور لتسليح حزب الله اللبناني وغيره.
ومن المقرر أن تتولى حكومة جديدة السلطة في الأول من مارس/آذار ، في حين تظل العلاقات السابقة للحكومة المؤقتة مع تنظيم القاعدة من بين مخاوف الغرب تجاه المعارضة السابقة والرئيس المؤقت أحمد الشرع.
التحديات السياسية والعلاقات الدولية
وقد أكد الوزير، أن التحدي السياسي الرئيسي يتمثل في إعادة بناء العلاقات الدولية، حيث ورثت الحكومة علاقات متوترة مع الجيران والعالم، بالإضافة إلى صورة ذهنية سلبية عن سوريا كدولة تشكل تهديدًا. وأضاف أن الحكومة تعمل منذ توليها السلطة في 8 ديسمبر /كانون الأوّل الماضي على تحسين هذه العلاقات.
التحديات الاقتصادية لسوريا الجديدة
وقد أثار الشيباني موضوع التحديات الاقتصادية التي تواجهها سوريا، مشيرًا إلى أن البلاد ورثت اقتصادًا مدمرًا نتيجة السياسات السابقة والعقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام السابق. ورغم سقوط النظام، لا تزال العقوبات قائمة، مما أثر سلبًا على الشعب السوري بدلًا من حمايته. ودعا الوزير إلى رفع هذه العقوبات، مؤكدًا أن الحكومة تبذل جهودًا كبيرة للتواصل مع الدول العربية والمجتمع الدولي لتحقيق هذا الهدف.
وأعلن الشيباني أن الحكومة الجديدة تمكنت من وقف الفساد، مما ساهم في تحسين قيمة الليرة السورية بنسبة 70% خلال شهرين فقط. كما أشار إلى الجهود الجارية لإقناع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي برفع العقوبات، حيث تم تحقيق بعض الاستثناءات، لكنها لا تزال غير كافية لدفع عجلة التنمية.
الاستقرار الداخلي وثقة الشعب
ردًا على المخاوف بشأن الاستقرار الداخلي، أكد الوزير أن تحرير الشعب السوري هو الضمانة الرئيسية، مشيرًا إلى أن التغيير الذي حدث لم يكن مفاجئًا وحُظِي بدعم جميع فئات الشعب. وأضاف أن عدم حدوث موجات نزوح جماعية بعد التغيير يُعد دليلًا على ثقة السوريين بالحكومة الجديدة.
وأشار إلى أن الأوضاع الأمنية في سوريا تشهد تحسنًا مستمرًا، حيث عادت الأسواق والمدارس والجامعات إلى عملها الطبيعي، ودعا الجميع لزيارة دمشق للاطلاع على الاستقرار بأنفسهم.
رؤية الحكومة للمستقبل
أكد الشيباني أن الحكومة الجديدة تتعلم من تجارب المنطقة وتسعى لتحقيق شراكة حقيقية مع الشعب السوري. وأشار إلى أن أكبر إنجاز تم تحقيقه هو تجنب سوريا الدخول في حرب أهلية أو طائفية بعد التغيير السياسي الكبير.
نحن نؤمن بقدرات الشعب ولا نريد أن نمارس الوصاية عليه، إضافة إلى ذلك فإنّ أي تجربة إذا لم تستفِد من الأخطاء لن تنجح، وأضاف بأنّ أكبر إنجاز هو أن بلدنا لم يدخل في حرب أهلية أو طائفية، وسوريا ستكون تجربة ملهمة.
وحول المشاركة السياسية، أوضح الوزير أن سوريا لن تعتمد على المحاصصة الطائفية، بل ستُبنى الدولة على أساس الكفاءة والمشاركة الحقيقية لجميع السوريين. وأكد أن الحكومة الجديدة التي ستتشكل في أول مارس/آذار ستُمثل جميع أطياف المجتمع السوري، بهدف بناء سوريا حديثة تحترم جميع مكوناتها بعيدًا عن الطائفية والانقسامات العرقية.
مع الإشارة إلى أنّ أسعد الشيباني، المنحدر من محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، شخصية جديدة نسبياً على الساحة الدولية، وقد شارك في احتجاجات 2011 ضد الأسد التي كانت جزءاً من انتفاضات الربيع العربي.
وتم تعيينه وزيراً للخارجية في ديسمبر/كانون الأوّل بعد أن أنهى هجوم المعارضة حكم عائلة الأسد الذي استمر 54 عاماً.
المصادر الإضافية • أب