نصح الكاتب أسامة بشير وهو ناشط في قضايا اللجوء في بلغاريا، طالبي اللجوء بتوخي الحذر وعدم تصديق حديث المهربين عن سهولة رحلة عبور بلغاريا، مؤكداً لـ”أورينت نت” تزايد الوفيات أثناء عبور محطة العبور البلغارية.
ويجمع بين بلغاريا وتركيا شريط حدودي يزيد طوله عن 230 كيلو متراً، ورغم وجود سياج من الأسلاك الشائكة، تشهد الحدود تدفقاً كبيراً للمهاجرين نحو أوروبا.
وأشار بشير وهو الذي شارك في عمليات دفن عدد من المهاجرين مؤخراً، إلى صعوبة ووعورة وكثافة غابات بلغاريا التي تُعد بوابة أوروبا، موضحاً أن “غالبية حالات الوفيات في بلغاريا كانت بسبب نفاد المياه والتعب الشديد أثناء عبور الغابات في الصيف، والبرد القارس في الشتاء، حيث يتطلب اجتياز بلغاريا أسبوعاً على أقل تقدير”.
وفي حادثة تؤكد كثرة الوفيات دون توثيقها بالكامل، روى بشير تفاصيل حادثة جرت قبل أيام، وقال: إن “زوجة لاجئ سوري تواصلت معه بعد فقدان زوجها في بلغاريا”، وأضاف أنه بعد أن شرع بالبحث أبلغته السلطات البلغارية بوجود جثمان مهاجر فارق الحياة أثناء عبوره البلاد.
وتابع أن الجثة لم تكن للمهاجر الذي كان يبحث عنه، مؤكداً أن “السلطات تقوم مضطرة بدفن الجثث من دون أن تستطيع التأكيد من هوية أصحابها”.
وسجلت الغابات البلغارية في الفترة الأخيرة واقعة وفاة أكثر من مهاجر سوري، واتهم بشير شبكات التهريب بالمسؤولية، وقال إن “أسباب الوفيات جميعها تعود إلى التعب والإرهاق والجوع والعطش، وهذا يتحمل مسؤوليته المهرب، بحيث يقنع المهاجر بأن طريق عبور بلغاريا آمن وقصير، علماً أن بلغاريا تُعد من أصعب محطات رحلة الهجرة إلى أوروبا”.
وقال إن المهربين يتقاضون مبلغاً لا يقل عن ألفي دولار على المهاجر الواحد، وفي الغالب يتم ترك المهاجر الذي ينال منه التعب في الغابات وحيداً، وخاصة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
وبحسب بشير، يقوم المهربون بإعطاء عقاقير منشطة للمهاجرين، محذراً من خطورة تأثيراتها، مؤكداً أنه اطلع على حالة وفاة بسبب الإجهاد الشديد.
وإذ نفى بشير تسبب الشرطة وحرس الحدود البلغاري بحوادث الوفيات، أكد ضلوع “عصابات” تقوم بسلب و”تشليح المهاجرين”، من دون أن يستبعد أن تكون العصابات هذه متعاملة مع شبكات التهريب.
هل تعيد بلغاريا المهاجرين إلى تركيا؟
وفي العامين الماضيين، أعادت القوات البلغارية عدداً كبيراً من المهاجرين إلى تركيا، بعد ضربهم وسلبهم ما بحوزتهم من أشياء وأموال.
ولم ينفِ بشير ذلك، وقال: “في حال ألقى حرس الحدود البلغاري القبض على المهاجرين يُعادون إلى تركيا، لكن يختلف الحال في حال طلب المهاجر اللجوء في بلغاريا”، معقباً: “في الغالب لا يطلب المهاجر اللجوء في بلغاريا للأسباب الاقتصادية، وبالتالي تُعيدهم بلغاريا إلى المكان الذي قدموا منه، أي تركيا”.
وفي العام الماضي، أعادت دوريات تابعة لحرس الحدود البلغاري نحو 84 مهاجراً باتجاه الحدود التركية، وذلك بعد إجبارهم على خلع قمصانهم، ومصادرة مقتنياتهم الخاصة، وأكد مصدر أمني تركي، أن نحو 84 مهاجراً غير نظامي عادوا “نصف عراة” إلى الحدود التركية قادمين من بلغاريا.
وتكررت هذه الحوادث، وهو ما يؤكد وجود انتهاكات تمارسها بلغاريا ضد المهاجرين.
ويحظر قانون الاتحاد الأوروبي عمليات إعادة طالبي اللجوء، لكن رغم ذلك أعادت بلغاريا في عام 2022 وحده ما يزيد عن 5 آلاف مهاجر غير نظامي إلى تركيا، بحسب تقرير نشره موقع “مهاجر نيوز”.
وتحدث الموقع نقلاً عن شهادات صحفية بلغارية، عن حوادث اعتداء جسدي وجنسي أثناء عبور بلغاريا، حيث أكدت “لجنة هلسنكي” البلغارية أنها تلقت تقارير من مهاجرين عن حالات تحرش جنسي واغتصاب.
وشهدت بلغاريا الكثير من حوادث الموت الجماعية للمهاجرين، وكان أشدها وقعاً في شباط الماضي، حيث عُثر على جثث 18 مهاجراً داخل شاحنة على مسافة حوالي 20 كيلومتراً من العاصمة البلغارية صوفيا.
وأوضحت السلطات البلغارية وقتئذ أن سبب الوفاة هو “الاختناق” حيث حُشر عدد كبير من الأشخاص في مساحة صغيرة للغاية.
إشكاليات قانونية في إجراءات الدفن
من جانب آخر، تحدث بشير عن إشكاليات عمليات الدفن، موضحاً أن “عائلات المهاجرين تطلب دفن المتوفى وفق الشريعة الإسلامية، وهنا تكمن المشكلة، لأن تنفيذ هذا المطلب يتعذر دون توكيل أو دون وجود قريب، في ظل عدم وجود جهة سورية رسمية يمكن أن تُخاطب السلطات البلغارية”.
وفي هذا الإطار دعا بشير الائتلاف إلى تعيين ممثل له في بلغاريا، لحل هذه المشكلة، وقال: “نواجه كارثة موت اللاجئين، ومشكلة ما بعد الموت أيضاً”.
وقبل أيام توفي الشاب بشار هيثم النجرس، في غابات بلغاريا بسبب التعب والجوع أثناء محاولته الوصول إلى أوروبا، وقبلها لقي الشابان سيف الدين أحمد وسراج الصليعي المصير ذاته.
