قالت مجلة نيوزويك إن أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأوروبيين شرعوا في وضع الأسس للدفاع عن أراضيهم، وسط التحذيرات من حرب محتملة مع روسيا في غضون سنوات.
وقال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الألمانية برونو كاهل إن روسيا تستعد لحرب مع الغرب، لا بهجوم واسع النطاق ولكنها قد تختار غزوا محدودا أو زيادة تكتيكات الحرب الهجينة الخاصة بها لاختبار مدى صلابة إرادة التحالف.
ويحاول الناتو -كما أوضحت الصحيفة في تقرير بقلم إيلي كوك- الاستعداد لكلا الاحتمالين، الحرب الشاملة أو استخدام تقنيات أقل وضوحا لتقويض الاستقرار في دول الحلف، خاصة أن لدى روسيا خيارات متعددة لفعل ذلك.
وحذرت هيئة الاستخبارات الخارجية الإستونية في فبراير/شباط من أن الناتو “قد يواجه حشودا على الطراز السوفياتي في العقد المقبل” إذا نجحت روسيا في إصلاح جيشها، مشيرة إلى أن الجيش الروسي سيكون “أقل شأنا من الناحية التكنولوجية” من قوات الناتو خصوصا في الحرب الإلكترونية والضربات البعيدة المدى، لكن “إمكاناته العسكرية ستكون كبيرة”.
وقال مفوض الدفاع في الاتحاد الأوروبي أندريوس كوبيليوس “إذا أخذنا هذه التقييمات على محمل الجد، فهذا هو الوقت المناسب لنا للاستعداد الصحيح وهو وقت قصير، ولذلك علينا اتخاذ قرارات سريعة وطموحة”، علما أن الناتو يسعى الآن في جميع أنحاء أوروبا لزيادة الإنفاق الدفاعي إلى ما هو أعلى من نسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي المطلوبة دون فرض ذلك، كما تقول المجلة.
وبالفعل تعهدت الدول الأوروبية بالوفاء بهذا الهدف أو تجاوزه، ويتوقع المسؤولون والخبراء على نطاق واسع أن تضاعف الإدارة القادمة للرئيس المنتخب دونالد ترامب الضغوط على أوروبا لزيادة الإنفاق العسكري أكثر.
وثمة علامات واضحة، وفقا للتقرير، على الاستعدادات في مختلف أنحاء أوروبا، وخاصة في البلدان الأقرب إلى حدود روسيا، وقد قال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش في يوليو/تموز إن الناتو “ليس مستعدا الآن” لحرب محتملة مع روسيا، لكنه “سيكون مستعدا” في المستقبل.
وبدأت ألمانيا -حسب المجلة- في وضع خطط لحماية المباني والمنشآت المهمة في حالة وقوع هجوم، ولدراسة ما ستكون عليه ألمانيا عندما تتحول إلى قناة لعبور مئات الآلاف من الجنود المتجهين شرقا في أوروبا.
خط الدفاع البلطيقي
وقعت دول البلطيق الثلاث (لاتفيا وليتوانيا وإستونيا) اتفاقية في يناير/كانون الثاني من هذا العام لتعزيز الحماية على طول حدودها البرية مع روسيا وحليفتها بيلاروسيا، وقال وزير الدفاع الإستوني هانو بيفكور “إننا نبذل هذا الجهد حتى يشعر شعب إستونيا بالأمان، ولكن إذا ظهر أدنى خطر فسنكون مستعدين لمختلف التطورات في أسرع وقت”.
وقالت وزارة الدفاع الليتوانية إنها أقامت ألغاما ودفاعات أخرى ضد الدبابات والمركبات المدرعة، وقد وضعت لاتفيا دفاعات مماثلة وقالت الحكومة اللاتفية إن نحو 303 ملايين يورو ستُضخّ في بناء دفاعات على حدودها الشرقية مع روسيا على مدى 5 سنوات.
فرير: تحصينات درع الشرق البولندية تستند إلى الدروس المستفادة من القتال في أوكرانيا.
ومن جانبها، بدأت بولندا في بناء ما أطلقت عليه “درع الشرق”، بتكلفة تزيد على 2.5 مليار دولار ووصفته بأنه “أكبر عملية لتعزيز الحدود الشرقية لبولندا، البوابة الشرقية للناتو منذ عام 1945”.
وقال وليام فرير، من مؤسسة الأبحاث البريطانية، إن “استثمارات بولندا عبارة عن مزيج من بناء القدرات الدفاعية والقدرات الهجومية المصممة لردع روسيا من خلال إقناعها بأن أي هجوم سيفشل في تحقيق أهدافه وسيكون بتكلفة عالية جدا”، مؤكدا أن “تحصينات درع الشرق البولندية تستند إلى الدروس المستفادة من القتال في أوكرانيا”.
خطط الإخلاء الجماعي
ونبهت المجلة إلى أن الاستعدادات ليست عسكرية فحسب، بل مدنية أيضا، فقد نشرت السويد كتيّبا قالت إنه لمساعدة سكان البلاد على “تعلم كيفية الاستعداد والتصرف في حالة الأزمة أو الحرب”، وهو يحدد ما يعنيه رفع حالة التأهب، وكيف سيشارك كل ساكن في الجهد وقت الحرب، وكيف تبدو صفارات الإنذار المختلفة.
ووزعت النرويج أيضا نشرة عن كيفية التعامل مع الظروف الجوية المتطرفة والأوبئة والحوادث والتخريب والحروب، وقالت الحكومة الألمانية أيضا إنها تقوم بإعداد قائمة بالملاجئ التي ستكون متاحة للمواطنين لمعرفة أقرب ملجأ لهم.
الدفاعات الجوية
في بداية العام أكدت دول البلطيق الحاجة لبناء دفاعات جوية للناتو، وقال وزير الدفاع المجري كريستوف سزالاي بوبروفنيزكي إن بودابست ستضع نظام دفاع جوي في المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد، وأضاف “ما زلنا نثق بأنه سيكون هناك سلام في أقرب وقت ممكن، ومع ذلك أمرت بتثبيت أنظمة التحكم الجوي والدفاع الجوي التي تم شراؤها مؤخرا”.
وفي الوقت الذي قامت فيه بولندا ودول البلطيق وفنلندا والسويد ورومانيا بزيادة الاستثمار الدفاعي بشكل كبير، بقيت أوروبا الغربية متخلفة عن الركب -حسب المجلة- واعترف الأدميرال السير توني راداكين، قائد القوات المسلحة البريطانية، بأن المملكة المتحدة كانت في وضع “أضعف قليلا” من العديد من البلدان الأقرب إلى الأراضي الروسية.
ومع ذلك التزمت المملكة المتحدة بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي كما تتجه فرنسا إلى تحقيق هدف الناتو المتمثل في المساهمة بـ2% من ميزانيتها هذا العام للناتو، وهو ما تتجه إليه ألمانيا كذلك، مما يدل -حسب فرير- على أن “دول أوروبا الغربية تتخذ “بعض الخطوات الجادة”.