كتب – أحمد زكي – وكالات : يعتبر شهر رمضان من كل عام مناسبة استثنائية للعديد من الظواهر التي لا تمت لطبيعة الشهر الروحانية بصلة.
وتري المحامية والناشطة المجتمعية بصعيد مصر وتحديداً مدينة نجع حمادي شمال محافظة قنا سها الأمين ،في حوار خاص لموقع “تورزم ديلي نيوز “أن تصاعد ظاهرة التسول وتنوع أشكالها سببهما الأساسي تاثر الوضع الاقتصادي نوعاًوارتباطة بمرادفات الوضع الإقتصادي العالمي وتأثير التضخم بالعالم ، وما ترتب عليه من ارتفاع مفاجئ في أسعار جميع السلع الغذائية، كما أن التسول لا يعتبر حكرا على دولة دون أخرى، لكنه ظاهرة موجودة في الكثير من بلدان العالم.
أرجعت سها الأمين تزايد أعداد المتسولين إلى عوامل اقتصادية، ترتبط بارتفاع معدلات العوز، فنسبة كبيرة من سكان الدول العربية تقع تحت خط الفقر، كما أن البطالة مرتفعة مع قلة فرص العمل وأكدت أن العوامل الاجتماعية ساهمت بشكل كبير في امتهان كثيرين التسول، أفرزا أعدادا كبيرة من النساء دون عائل أو مورد رزق سوى التسول للإنفاق على أسرهن. وذكر ت أن هناك من تتعامل مع التسول بمنطق “الاستسهال” بدلا من مشقة البحث عن عمل كمصدر للدخل، غالبا لن تجده في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها بعض الدول العربية.
كان التسول في السابق مقتصرا على فئة الكبار دون غيرهم، لكن اليوم نجد الغالبية العظمى من المتسولين هم من صغار السن الذين لا تتجاوز أعمارهم 15 سنة على الأكثر، ويعتبرون شهر رمضان موسما للحصاد، فما يجمعونه من مال خلاله يساوي أضعاف ما يحصلون عليه طوال العام.
واستطردت قائلة بأن الناس يتعاطفون مع النساء والأطفال بسبب صغر سن الأطفال المستخدمين في ظاهرة التسول ، لكن الوضع يختلف في هذا الشهر وتصبح علاقتهم أكثر رقة، فالأشخاص أنفسهم يقدمون له الملابس والأطعمة والمال، حتى طريقة المعاملة تختلف وتميل إلى الود، وتمنون أن يكون العام كله رمضان.
وأوضحت أن شهر رمضان له طعم آخر، يطرق فيه أبواب منازل المواطنين طلبا للمال وتقدم له ولإخوته وجبات إفطار وسحور.
وقالت مشيرة ، إلى أن زيادة أعداد المتسولين لا ترجع فقط إلى العامل الاقتصادي بل إلى روحانيات الشهر الكريم، حيث يعزف المتسولون على أوتار العاطفة الدينية المتأصلة في الشعوب العربية.
و إن هذا الشهر تكثر فيه الصدقات وأموال الزكاة، وفي ظل عدم معرفة الناس بالفقراء الحقيقيين الذين يستحقون المساعدة، فهم يتعاطفون مع أغلبية المتسولين المنتشرين بالشوارع.
التسول يساهم في زيادة نسبة تسرب الأطفال من التعليم ويحولهم إلى أطفال غير أسوياء ناقمين على المجتمع
وصفت التسول بـ”الظاهرة الخطيرة” لما لها من تداعيات مجتمعية سلبية، أبرزها الإساءة لبعض المجتمعات العربية، من حيث وجود أشخاص لا يجدون قوت يومهم أو الحد الأدنى من معيشتهم ومن الحياة الكريمة، وربما يتحولون إلى مجرمين.
قدرت إحصائية حديثة أصدرها المركز القومي المصري للبحوث الاجتماعية أعداد المتسولين في مصر بحوالي مليون شخص يتمركز نصفهم في العاصمة فقط دون غيرها من المدن المصرية.
المشكلة ليست في المتسولين وإنما في المتعاطفين معهم، فهم لن يستمروا في عادتهم إذا قوبلت بالرفض، وطالما الكل يعطي دون حساب، فمن المتوقع أن تزيد الظاهرة وتأخذ أشكالا عديدة. الكثير منهم ليسوا بحاجة إلى المال وأشكالهم تدل عليهم ويُشاهدون في مواقع معينة دائما، ولا يتردد المارة في منحهم عطايا كلما مدوا أيديهم غير مدركين أنه ربما يأخذ أحدهم المال ويشتري به سجائر أو مخدرات، فتتحول الصدقة إلى مساعدة على ارتكاب معصية.
وأوضحت الأمين أن مشاهد التسول باتت مستهجنة من الناس
لكنها توقعت انحسار الظاهرة مستقبلا حتى في شهر رمضان لأن وجود جحافل من المتسولين يؤدي إلى نفور الناس منهم، استنادا إلى القاعدة المعروفة التي تقول “الشيء إذا زاد عن الحد انقلب إلى الضد”.
وكشفت أستاذة القانون أن التسول يتيح إباحة كل محظور، فالمتسول يمكن أن يغريه أي مبلغ مالي للترويج للمخدرات، أو القيام بجرائم قتل أو سرقة، ويساهم في زيادة نسبة تسرب الأطفال من التعليم ويحولهم إلى أطفال غير أسوياء ناقمين على المجتمع ومهيئين للانضمام إلى الجماعات الإرهابية.
في محاولة لمواجهة انتشار تلك الظاهرة المقيتة دعت نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي المواطنين إلى عدم التعاطف مع أي متسول طفل أو يحمل طفلا كطريقة جديدة لمكافحة استغلال الأطفال، كما تم توزيع منشورات توعية على المارة في الشوارع وفي وسائل المواصلات العامة. المشكلة أنه لا توجد عقوبات محددة لمعاقبة المتسولين في بعض الدول العربية، وهو ما يشكل صعوبة في محاسبتهم. الكثير من التهم الموجهة لهم تكون فقط عندما يقترن التسول بمحاولة سرقة، وهي غالبا تسجل جنحة وليست جناية، يعاقب بسببها المتسول بالحبس لبضعة أشهر، وعندما يخرج يعود إلى التسول لأن القانون غير رادع.
إقرأ أيضاً :