كتب – أحمد زكي – وكالات : السيد عبد الرحيم بن أحمد بن حجون الشهير بـ “عبد الرحيم القنائي” عالم دين ومفسر إسلامى مغربى ينتهى نسبه إلى الإمام الحسين بن على بن أبى طالب وأمه “فاطمة الزهراء” ابنة سيد الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أطلق عليه «عبد الرحيم» طمعا فى الرحمة من لدن الله تعالى، أما اسمه الحقيقى فيعنى فى بلاده الأسد.
فقد اشتهر أن الدعاء فى مقامه الطاهر مستجاب، خاصة يوم الأربعاء من كل أسبوع.
حفظ القرآن الكريم بالمغرب وعلّمه بمصر
يفتح المسجد والمقام أبوابه للزائرين القادمين من مختلف محافظات الجمهورية، خاصة محافظات الصعيد، حيث يحظى “عبد الرحيم القنائى” بتقدير وحب كبيرين فى نفوس غالبية المصريين وأهل الصعيد بصفة خاصة، يأتون إليه ليدعوا الله عز وجل بما شاءوا من الدعاء، فهو ناصر المظلومين والمطلقات وكل اللائى لم يتزوجن ولم ينجبن، ففى فترة قصيرة يتحقق الدعاء وتعلو الزغاريد فى جنبات المقام بعد أن تزول الهموم والأحزان.
إن أكثر أقوال سيدى عبد الرحيم القنائى تأثيرا علىّ قوله: إن الدين الإسلامى دين علم وعمل وأخلاق، ومن ترك واحدة فقد ضل الطريق”.
ولعل أعظم كرامة لسيدى عبد الرحيم القنائى أن خلد الله ذكره إلى يومنا هذا، ففى مواسم الخيرات والأعياد نجد المساجد الكبرى تزدحم بالزوار، خاصة مساجد آل البيت، ومن هذه المساجد مسجد سيدى عبد الرحيم القنائى، وهو من أشهر مساجد الصعيد، حيث تأتى إليه الأفواج من جميع بقاع الأرض تبركا بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك لرغبة الزائرين فى معرفة سيرة آل البيت العطرة للاقتداء بهم”.
وعـــن سيـــرة سيدى “عبد الرحيم القنائى”، قـــال “عبد الرازق”: “لقد ولد رضى الله عنه فى بلدة “ترغاي” بالمغرب فى أول شعبان سنة ٥٢١ هجرية، الموافق سنة ١١٢٧م، حفظ القرآن الكريم وأتقن تلاوته وفهمه فى الثامنة من عمره، ثم تلقى العلم فى المسجد الكبير، وحضر حلقات الدرس على كبار العلماء، وفى الثامنة عشرة من عمره توفى والده، وكان رضى الله عنه يحب والده ويرى فيه مثالا أعلى، وكان والده شيخا له مرتبة عالية فى العلم، ومن أجل ذلك تأثرت حالة عبد الرحيم الصحية بسبب وفاة والده ووقع صريعا لمرض شديد، ولما مرض أرسلته والدته إلى أخواله بدمشق ليغير المكان ويستشفى فأقام بها عامين، وبعد عودته وجد مكان والده كعالم دين شاغرا، فجلس عبد الرحيم إلى حلقة العلم لأول مرة معلما وواعظا، واجتمع الناس ليروا ابن شيخهم الذى جاء من دمشق وليستمعوا إليه، وقد جمع بين ثقافتى المغرب والمشرق وهو ابن العشرين”.
الذهاب إلى الحجاز عبر الإسكندرية
أما الرحلة الأخرى فى حياة “عبد الرحيم القنائى” فبدأت حينما بلغ عمره خمسة وعشرين عاما، حيث توفيت والدته، فقرر الذهاب إلى الحجاز عبر الإسكندرية مارا بالقاهرة، ووصل إلى مكة المكرمة وأدى فريضة الحج ثم أحب التنقل بينها وبين المدينة ليتاجر بعض الوقت ويكتسب قوته، وعكف بعد ذلك على العبادة والعلم والمدارس مع علماء مكة والمدينة، استمر على هذا الحال تسع سنوات.
وبدأت رحلة ثالثة فى حياة “عبد الرحيم القنائى” عندما التقى بالشيخ مجد الدين القشيرى القادم من قوص، ودار بينهما حديث حتى أقسم القشيرى على سيدى عبد الرحيم أن يصحبه إلى مصر، وإلى قوص وقنا، واستجاب سيدى عبد الرحيم وجاء إلى قوص بصحبة الشيخ “مجد الدين القشيري” الذى كان يعمل إماما لمسجدها العمرى ويلقى الدروس على الراغبين فى العلم من الطلاب والأهالى على السواء، لكنه لم يقض أكثر من ثلاث ليال وأحس برغبة شديدة -على أثر رؤى عديدة- فى أن يرحل ويقيم بقنا، وفى اليوم الثالث كان سيدى عبد الرحيم فى طريقه إلى قنا ليلتقى بالشيخ “القرشى” أحد كبار الأولياء الصالحين بقنا، وتصاحبا وتزاملا واشتغلا بالتجارة، وأخيرا صدر قرار من والى مصر بتعيين الشيخ “عبد الرحيم القنائى” شيخا لقنا وتزوج بابنة الشيخ “القشيرى”.
اتخذ الشيخ عبد الرحيم لنفسه برنامجا لا يحيد عنه طوال حياته، يعمل بالتجارة حتى لا يحتاج لمعونة أحد، وحتى يستطيع أن ينفق على فقراء الطلاب الراغبين فى العلم، ويقوم بمعاونة غير القادرين من أبناء المسلمين، وبعدها يعتكف للعبادة وحلقات العلم بالمكان الذى به مزاره ومسجده الآن.
وتوفى الشيخ “عبد الرحيم القنائى” رضى الله عنه بعد صلاة الفجر من يوم الجمعة ١٩ صفر ٥٩٢ هجرية، الموافق ١١٩٦م، عن عمر ناهز ٧٢ عاما، ويعد رحمة الله عليه مثالا يحتذى به فى الزهد فى الدنيا والاعتماد على العلم وتقوى الله، وقد حفظ الله ذكره وأعلى شأنه على مدار كل هذه العقود الطويلة.
إقرأ أيضاً :