كتبت- سها ممدوح – وكالات: إحتلت الجزائر، المرتبة 14 إفريقيًا والمرتبة 98 عالميًا من أصل 119 اقتصادًا، محققة 3.42 من سبع نقاط في تقييم شامل لقطاع السفر والسياحة، هذه هي المرة الأولى التي تُدرج فيها الجزائر رسميًا ضمن المؤشر العالمي، ما يجعل هذه النتيجة بمثابة خط أساس لقياس الأداء في السنوات المقبلة، ورغم أن إعادة احتساب بيانات الأعوام السابقة بالمنهجية الجديدة أظهرت تسجيل الجزائر لـ 3.3 نقطة في 2019 و3.4 نقطة في 2021، فإن التحسن يبقى محدودًا، ويعكس استمرار التحديات أمام بلوغ مستويات التنافسية الإقليمية والعالمية.
وأشارت البيانات السياقية الواردة في تقرير Travel & Tourism Development Index 2024 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، و المستقاة من المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC). إلى أن قطاع السياحة ساهم بنسبة 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي للجزائر عام 2023، وبنسبة 5.7% من إجمالي التشغيل ورغم هذه المساهمة، فإن التقرير يضع الجزائر أمام تحديات جوهرية في مجالات البنية التحتية، الانفتاح على الأسواق، والتسويق السياحي الفعال.
في أحد أهم محاور المؤشر، وهو النقل البري والموانئ، جاءت الجزائر في مراتب متأخرة عربيًا وإفريقيًا بدرجة 2.85، لتحتل المرتبة الحادية عشرة عربيًا من بين 12 دولة، هذا المؤشر، الذي يقيس جودة الطرق وشبكات النقل البري وكفاءة الموانئ من حيث التغطية والفعالية والسلامة، يضع الجزائر خلف دول مجاورة مثل مصر والمغرب وتونس، ما يبرز الحاجة الماسة إلى استثمارات ضخمة وتخطيط استراتيجي لتحسين الترابط الداخلي والخارجي.
أما على مستوى شمال إفريقيا، فقد أظهر التقرير تفاوتا واضحا في الأداء. المغرب، الذي يستفيد من ميناء طنجة المتوسط ذي المواصفات العالمية، سجل تقدمًا في محور البنية المينائية، لكنه لا يزال يواجه تحديات في شبكات النقل الداخلي، وحصل على درجة 3.26. تونس، بدرجة 2.91، تعاني من تراجع الاستثمارات وصعوبات في الصيانة، بينما مصر برصيد 3.85 أحرزت قفزة ملحوظة بفضل مشاريع الطرق القومية وتوسعة الموانئ على البحرين الأحمر والمتوسط. هذه الفوارق تعكس اختلاف الرؤى الاستثمارية والقدرة على تنفيذ المشاريع الكبرى بين دول المنطقة.
وعلى الصعيد الإفريقي، تتصدر جنوب إفريقيا ومصر قائمة الاقتصادات الأكثر جاهزية لتطوير السياحة. مستفيدة من البنية التحتية المتطورة نسبيا مقارنة ببقية القارة. لكن معظم دول إفريقيا جنوب الصحراء ما زالت تعاني من فجوات هائلة في البنية التحتية، وضعف الربط الجوي والبري، إضافة إلى تحديات السلامة والتمويل. بالنسبة للجزائر، فإن موقعها الجغرافي ومساحتها القارية يؤهلانها لتكون عقدة لوجستية وسياحية كبرى، إلا أن الاستفادة من هذه المزايا يتطلب تحركًا حاسمًا لرفع كفاءة النقل البري والموانئ وتحسين الخدمات السياحية.
التقرير لا يكتفي بعرض الترتيب، بل يسلط الضوء على البنية العميقة التي تحدد مكانة أي دولة في السياحة العالمية. من البيئة التمكينية، مرورًا بالسياسات الحكومية ومدى الانفتاح، وصولًا إلى الموارد الطبيعية والثقافية، والاستدامة البيئية والاجتماعية. بالنسبة للجزائر، تكمن فرص التحسن في استثمار مواردها السياحية غير المستغلة. وتبني إصلاحات تنظيمية تعزز بيئة الأعمال وتفتح الأبواب أمام استثمارات أجنبية في البنية التحتية، مع تسويق ذكي لمقاصدها السياحية المتنوعة.