في عالم تتسارع فيه إيقاعات الحياة وتتصاعد فيه ضغوط العمل، لم يعد الترفيه مجرد رفاهية جانبية، بل أصبح حاجة إنسانية أساسية. وفي المجتمعات الإسلامية، يتخذ الترفيه بُعدًا أعمق، إذ يجمع بين تحقيق السعادة وتجديد الطاقة، مع الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية.
الترفيه في ميزان الإسلام
الإسلام نظر إلى الترفيه باعتباره فسحة مشروعة للنفس، لا تتعارض مع العبادة أو الجد، إذا ضُبطت بضوابط الشرع. فقد قال النبي ﷺ: “ساعة وساعة”، في دعوة صريحة للموازنة بين الجد والراحة. وهذا المفهوم الراسخ جعل من الترفيه عنصرًا داعمًا للإنتاجية والصحة النفسية.
نماذج مشرقة من التجارب الإسلامية
السعودية: “موسم الرياض” استقطب أكثر من 12 مليون زائر وأسهم في الناتج المحلي بما يفوق 6 مليارات ريال.
الإمارات: فعاليات دبي وأبوظبي الترفيهية والسياحية تساهم بحوالي 12% من اقتصاد الدولة.
إندونيسيا: جزر بالي والمهرجانات الثقافية تحقق عائدات تتجاوز 16 مليار دولار سنويًا.
ماليزيا: السياحة الحلال تشكل 13% من الناتج المحلي، مستقطبة ملايين الزوار المسلمين وغير المسلمين.
أرقام تكشف قوة القطاع
تشير بيانات منظمة التعاون الإسلامي إلى أن قطاع السياحة والترفيه في الدول الأعضاء ساهم بأكثر من 275 مليار دولار عام 2023، مع نمو متوقع بنسبة 6% سنويًا خلال السنوات القادمة. كما أن كل دولار يُستثمر في هذا القطاع يولد ما بين 1.5 – 2 دولار من القيمة الاقتصادية عبر الوظائف وسلاسل الإمداد.
استثمار في صحة الشعوب
ترى الحكومات أن الترفيه الملتزم ليس مجرد نشاط وقتي، بل أداة استراتيجية لرفع الروح المعنوية، وتحسين الصحة الجسدية والنفسية، وتعزيز الانتماء الوطني. أما على المستوى الفردي، فهو يوطد الروابط الأسرية، وينمي الإبداع، ويفتح آفاقًا للتفاعل الإيجابي داخل المجتمع.
المعادلة الذهبية
السر في نجاح الترفيه بالدول الإسلامية يكمن في الموازنة بين الانفتاح على أنماط الترفيه الحديثة والتمسك بالهوية والقيم. وعندما تتحقق هذه المعادلة، يصبح الترفيه قوة ناعمة تعزز الاستقرار والازدهار.
الترفية في العالم الإسلامي ليس نقيض بل شريك .
الترفيه في العالم الإسلامي ليس نقيضًا للجد، بل شريكًا له. وإذا أدير بوعي واحترام للقيم، فإنه يتحول من مجرد نشاط ترفيهي إلى ركيزة حضارية واقتصادية تدفع بالمجتمعات إلى الأمام، وتخلق جيلًا متوازنًا في الروح والفكر والجسد.
إقرأ أيضاً :