كتب – أحمد زكي : يشكل إقرار نظام تنظيم النقل عبر التطبيقات الذكية في الأردن محطة تحول رئيسية في مسار تطوير وتنظيم قطاع النقل، وخطوة طال انتظارها لمعالجة الفوضى التي رافقت هذا النشاط خلال السنوات الماضية. النظام الجديد لا يقتصر على وضع إطار قانوني للسوق فحسب، بل يفتح آفاقاً واسعة أمام الشباب الأردني، وخاصة من حملة الشهادات الجامعية والعاطلين عن العمل، للانخراط في سوق عمل منظمة توفر دخلاً مستداماً وحماية اجتماعية وتأميناً صحياً.
وقد ساهم قطاع النقل عبر التطبيقات الذكية منذ ظهوره في تشغيل عشرات الآلاف من ، إذ وفر ما يقارب مئة ألف فرصة عمل مباشرة، إلى جانب آلاف الوظائف غير المباشرة في مجالات التوصيل والخدمات اللوجستية والبريد. ومع صدور النظام الجديد، ينتقل هذا القطاع من مرحلة النشاط غير المنظم إلى بيئة قانونية منظمة تعزز الشفافية والمنافسة وتحفظ حقوق جميع الأطراف.
يأتي النظام الجديد ليعالج اختلالات مزمنة في ظل لسنوات يعمل خارج الأطر القانونية، حيث كانت العلاقة بين السائقين والشركات والمستخدمين تفتقر إلى التنظيم والرقابة. وبموجب أحكام النظام، يتم منح التراخيص لشركات النقل الذكي وفق معايير فنية وإدارية محددة، مع إلزام السائقين بالحصول على تصريح مزاولة المهنة وتأمين المركبات والاشتراك في مؤسسة الضمان الاجتماعي لضمان حقوقهم وتوفير الحماية الاجتماعية لهم.
كما يتيح النظام للشركات غير المرخصة تصويب أوضاعها والانضمام إلى السوق الرسمية، ما يوسع قاعدة المنافسة ويمنع الاحتكار، ويضمن في الوقت نفسه التزام الشركات بحقوق السائقين والمستخدمين. وبهذا التنظيم، تنهي الحكومة حالة الفوضى التي سادت السوق لسنوات، وتؤسس لمرحلة جديدة من العمل المنظم والشفاف.
الشركات المرخصة والجديدة
تضم سوق النقل عبر التطبيقات الذكية في الأردن حالياً عدداً من الشركات المرخصة التي تعمل بشكل قانوني منذ سنوات، وهي «» و«أوبر» و«جيني» و«بترا رايد»، حيث تشغل هذه الشركات آلاف السائقين في مختلف محافظات المملكة.
وفي ضوء النظام الجديد، تقدمت عدة شركات كانت تعمل سابقاً دون ترخيص بطلبات رسمية لتصويب أوضاعها والحصول على الترخيص اللازم، من أبرزها «تاكسي إف» و«تكرم» و«زين كار»، ما يشير إلى توسع السوق ودخول منافسين جدد سيخضعون للإشراف والتنظيم.
ويقدر عدد السائقين العاملين في هذه الشركات المرخصة والتي قيد الترخيص بنحو سبعين ألف كابتن وسائق، يشكلون العمود الفقري لخدمات النقل الذكي في المملكة، وهو رقم يعكس حجم الأثر الاقتصادي والاجتماعي الكبير لهذا القطاع في دعم فرص العمل وتحريك النشاط الاقتصادي اليومي.
جهود حكومية مكثفة
إقرار النظام جاء بعد جهود حكومية مكثفة قادتها وزارة النقل بالتعاون مع وزارة العمل وهيئة تنظيم النقل البري، لإيجاد حلول عملية وتنظيم شامل لقطاع التطبيقات الذكية. وقد وضعت وزارة النقل هذا الملف في مقدمة أولوياتها خلال الأشهر الماضية، انطلاقاً من أهميته الاقتصادية والاجتماعية واتساع أثره على سوق العمل.
وتركزت الجهود على إعداد إطار قانوني حديث يواكب التطورات التقنية في النقل الذكي، وينسجم مع التحول الرقمي الذي تشهده المملكة، إضافة إلى وضع آليات واضحة لربط جميع العاملين في القطاع بمظلتي التأمين والضمان الاجتماعي بالتنسيق مع وزارة العمل.
ويعد هذا الإنجاز خطوة نوعية تنقل عشرات الآلاف من العاملين في القطاع من بيئة العمل غير المنظمة إلى بيئة قانونية تحميهم وتضمن حقوقهم، كما تعزز ثقة المواطنين باستخدام خدمات نقل آمنة ومرخصة.
يتضمن نظام تنظيم النقل عبر التطبيقات الذكية مجموعة من البنود التي تنظم العلاقة بين شركات التطبيقات والسائقين والمواطنين، وتشمل تحديد الشروط الفنية والإدارية للشركات، ومعايير السلامة للمركبات، وآلية التعامل مع بيانات المستخدمين، وضمان الالتزام بحقوق العاملين والأجور المتفق عليها.
كما ينص النظام على ضرورة ربط الشركات إلكترونياً بهيئة تنظيم ، لتمكين الرقابة الفاعلة وضمان الشفافية في تحديد الأسعار وجودة الخدمة، بما يحقق العدالة لجميع الأطراف. ومن شأن هذا التنظيم أن يرفع من كفاءة السوق، ويشجع على دخول شركات جديدة قادرة على الابتكار والمنافسة، ما ينعكس إيجاباً على جودة الخدمة وأسعارها واستدامة فرص العمل.
ارتياح العاملين في القطاع
أكد الناطق باسم كباتن التطبيقات الذكية لورانس الرفاعي لـ«إرم بزنس» أن النظام الجديد يمثل خطوة إصلاحية شاملة ومنصفة لجميع الأطراف، مشيراً إلى أنه أنهى حالة الفوضى التي كانت تسيطر على السوق، ووضع أسساً واضحة تضمن العدالة بين السائقين والشركات والمواطنين.
وقال الرفاعي إن النظام وفر بيئة عمل آمنة تضمن للسائقين حقوقهم المهنية من خلال التأمين والضمان، وحقق توازناً حقيقياً بين مصالح الشركات والعاملين والمستخدمين. وأوضح أن تطبيق النظام سيعزز الثقة بالخدمة ويمنح المستخدم شعوراً بالأمان عند طلب مركبة مرخصة وتخضع للرقابة، مؤكداً أن الخطوة الحكومية الأخيرة تعد مكسباً وطنياً للقطاع بأكمله.
أهمية اقتصادية واجتماعية متزايدة
يرى الخبراء أن تنظيم قطاع النقل عبر التطبيقات الذكية يحمل بعداً اقتصادياً مهماً، إذ يسهم في دمج آلاف العاملين في الاقتصاد الرسمي بعد أن كانوا خارج مظلة التنظيم، ما يعزز الإيرادات العامة للدولة ويرفع من مستوى العدالة في سوق العمل. كما يشكل النظام حافزاً لتوسيع الاستثمار في التكنولوجيا والنقل الذكي، ويشجع على تطوير تطبيقات محلية تسهم في توطين الخدمات الرقمية.
الخبير الاقتصادي حسام عايش أكد لـ«إرم بزنس» أن ترخيص وتنظيم القطاع يسير بالاقتصاد الأردني في الاتجاه الصحيح، لأنه ينظم قطاعاً ناشطاً ساهم في تشغيل الشباب الأردني وتخفيف معدلات البطالة، وهو خطوة مهمة وواضحة المعالم تفتح المجال أمام التاكسي الأصفر السائد للانخراط في منظومة التنظيم والتحديث بأقل التكاليف.
وأضاف أن هذا النظام من شأنه أن ينعكس إيجاباً على شركات التاكسي العاملة بالتطبيقات الذكية، ويشمل هذه الفئة بمظلة الضمان الاجتماعي بما يشكل نقلة نوعية نحو الأمان والاستقرار للعاملين، كما أنه مفيد أيضاً للضمان الاجتماعي والاستدامة المالية، ويوفر فرص عمل للجميع ويرفع من سوية الأداء العام والثقة بالخدمة، ويعزز المنافسة لتقديم الأفضل للمواطن.
إقرأ أيضاً :