كتبت- سها ممدوح: في خطوة غير مسبوقة في السوق المصري، أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية، برئاسة الدكتور محمد فريد، عن إطلاق نموذج وثيقة متخصصة من نوعها تحت مُسمى “تأمين سند الملكية العقارية”، والتي تمكّن شركات التأمين من تقديم تغطية تأمينية للمشترين ضد أي مخاطر متعلقة بصحة الملكية أو ظهور أي عوار في إثبات الملكية غير معروف قبل إتمام الشراء.
ويُمثل هذا الإجراء نقلة تنظيمية نوعية في السوق العقاري المصري، ويعكس توجه الهيئة نحو رفع مستويات الشفافية وحماية حقوق المتعاملين وتعزيز الثقة في عمليات البيع والشراء العقارية، وكذلك تعزيز جهود تصدير العقار المصري بما توفره هذه الوثيقة من استقرار للملكيات للمستثمر الأجنبي.
قال الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن إطلاق وتفعيل وثيقة تأمين سند الملكية العقارية خطوة تاريخية توفر تغطية تأمينية مبتكرة وغير مسبوقة تحمي المتعاملين في السوق العقاري المصري من أي مخاطر قد تنشأ عن أي عوار في إثبات الملكية بعد الشراء وكل ما هو منصوص عليه في وثيقة التأمين.
مضيفًا أن المشتري يحصل لأول مرة على غطاء تأميني ضد عدد من المخاطر المنصوص عليها في وثيقة التأمين، ومنها المخاطر التي تنشأ عن ظهور عوار في إثبات الملكية غير معروف قبل الشراء، مشيرًا إلى أن سند الملكية العقارية هو المستند القانوني الذي يُثبت حق ملكية شخص معين (فرد أو كيان اعتباري) لعقار محدد، يحدد حدود العقار وحقوق والتزامات المالك تجاهه، وأن التأمين على هذا السند يُستخدم بشكل أساسي عند شراء العقارات مثل المنازل لحماية المشتري والبنك المقرض من أي خسائر مالية قد تنتج عن مشاكل أو عيوب في سند الملكية، وذلك بحسب بنود وثيقة تأمين سند الملكية.
وأشار الدكتور فريد، إلى أن هذا النوع من التأمين هو آلية متقدمة معمول بها في الأسواق العالمية، ونقدمها اليوم في مصر لتعزيز الثقة، وتقليل النزاعات بشأن الملكيات.
وأضاف أن الوثيقة تأتي تنفيذًا لرؤية الهيئة العامة للرقابة المالية بشأن رفع كفاءة وجودة الخدمات المالية غير المصرفية، وتمكين المواطنين والمستثمرين من اتخاذ قرارات أكثر أمانًا، مؤكدًا: “نهدف إلى أن يشعر المشتري في مصر بأنه محمي من أي مفاجآت أو مطالبات قد تظهر لاحقًا، تهدد ملكيته للعقار”.
وعلى عكس التأمين على المنازل الذي يوفر الحماية من أحداث مستقبلية مثل الحريق أو السرقة، يوفر التأمين على الملكية حماية من مشاكل حدثت في الماضي ولم تكن معلومة وقت الشراء.
وأوضح رئيس الهيئة، أن هذه الوثيقة (وثيقة تأمين سند الملكية) تأتي في وقت يشهد فيه السوق العقاري المصري تنوعًا واسعًا في مصادر الملكية وأنواع العقارات، ما يزيد الحاجة إلى آليات تأمينية متطورة تدعم وتعزز استقرار هذا القطاع وتوفر قدرًا من الحماية لحقوق المتعاملين فيما يتعلق بملكيتهم للعقار.
وتابع الدكتور فريد: ستسهم وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في تعزيز الثقة بين المشترين والبائعين، وتقليل النزاعات القانونية المحتملة، وتشجيع استثمارات أكثر في القطاع العقاري، كما سنعمل على رفع مستوى الشفافية وتنظيم التعاملات بما يضمن حقوق جميع الأطراف ويحد من المخاطر المرتبطة بالملكية، سواء بالنسبة للمواطنين أو المستثمرين والمؤسسات المالية المشاركة في التمويل العقاري.
وتشمل التغطية تعويض المؤمن له عن أي خسائر قد تنتج عن ظهور حقوق للغير أو نزاعات تطعن في صحة الملكية، سواء بسبب التزوير أو التدليس أو عدم الأهلية أو أي سبب آخر قد يؤثّر على قوة سند الملكية.
كما تشمل التغطية الحالات التي يتعذر فيها تسجيل العقار لسبب خارج عن إرادة المؤمن له، بالإضافة إلى تحمل أي مصروفات ناتجة عن اكتشاف حجوزات أو مستحقات مالية سابقة على الوحدة لم يكن يعلم بها.
وفي الوقت نفسه، لا تمتد التغطية لأي خسائر تنتج عن مخالفات لقوانين البناء أو استخدام الأرض أو البيئة، ولا تشمل أي إجراءات حكومية تتعلق بنزع الملكية أو الاستيلاء.
كما تستبعد الوثيقة آثار الحروب والشغب والكوارث، ولا تغطي أيضًا أي رهون أو التزامات مالية كان المؤمن له يعلم بها ولم يذكرها، أو تلك التي لا ينتج عنها ضرر فعلي.
ويظل الإفصاح الدقيق عن المعلومات شرطًا أساسيًا، حيث يحق للشركة رفض المطالبات أو إلغاء الوثيقة إذا ثبت إخفاء أي بيانات جوهرية.
وتلتزم شركة التأمين بالدفاع عن المؤمن له قانونيًا عند نشوب أي نزاع يدخل في نطاق التغطية، بما في ذلك تولي التقاضي واختيار المحامين، ويلتزم المؤمن له بالتعاون الكامل وتقديم كل المستندات المطلوبة.
كما تلتزم الشركة بسداد التعويض خلال ثلاثين يومًا من استلام المستندات اللازمة لتحديد قيمته، وبما لا يتجاوز الحد الأقصى المحدد في الوثيقة، مع تطبيق الزيادة السنوية المتفق عليها في مبلغ التأمين.
وتسمح الوثيقة بإلغاء التأمين من جانب الشركة أو المؤمن له وفق ضوابط وإخطارات محددة، وتخضع أي نزاعات للتحكيم وفق قواعد المركز المصري للتحكيم الاختياري.
وتتضمن الوثيقة ملحقًا إضافيًا يتيح مد الحماية لتشمل العقارات غير المسجلة، بشرط وجود مستندات تثبت مصدر الملكية مثل الميراث أو المزادات أو الأحكام القضائية أو قرارات التخصيص.
كما يشترط تقديم شهادة سلبية من الشهر العقاري أو السجل العيني للتأكد من عدم وجود أي تصرفات سابقة على العقار. ويهدف هذا الملحق إلى توسيع نطاق الحماية ليشمل صور الملكية الشائعة في السوق المصرية والتي لم يتم تسجيلها بعد بشكل نهائي.
وتشكل هذه الخطوة استراتيجية تُعيد تشكيل منظومة التعاملات العقارية، إذ تمثل هذه الوثيقة إضافة مهمة للبنية التنظيمية للسوق العقاري، وتوفر مستوى جديد من الحماية للمستثمرين والمواطنين، خاصة في ظل تنوع مصادر الملكية وتاريخ العقارات.

