كتب – أحمد زكي : وسّعت السعودية آفاق الابتكار والاستثمار في قطاع الفضاء، في ظل تنافس مع جارتها الإمارات لترسيخ مكانتها كلاعب مهم بين البلدان المتقدمة في هذا المضمار، خاصة بعد أن وضعت أرضية قانونية متكاملة لجعل هذه الصناعة محركا للنمو في المستقبل.
قطعت السعودية خطوة أخرى نحو زيادة زخم قطاع الفضاء الناشئ في البلاد وترسيخ دعائمه ضمن أجندة التحول، في تحرك يرى خبراء أنه سيزيد من زخم التنافس بين دول المنطقة وخاصة الإمارات على هذا المجال في المستقبل.
وينظر المسؤولون في البلد الخليجي إلى القطاع بأهمية بالغة كونه مجالا واعدا ومدرا للإيرادات، خاصة وأن مصادقة البلد على معاهدات الأمم المتحدة المتعلقة باستكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه في الأغراض السلميّة ومبادئها دليل على ذلك.
ووقعت وكالة الفضاء السعودية مع المنتدى الاقتصادي العالمي اتفاقية خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الذي تحتضنه الرياض لإنشاء مركز مستقبل الفضاء بالبلاد، والذي يعد الأول من نوعه، حيث سيدعم نمو مجالات الفضاء الاقتصادية والبحثية والابتكارية.
المشاريع الاستثمارية
وتأتي الشراكة بعد أشهر من عقد الوكالة اجتماعات مع شركة صناعة الطائرات الأوروبية أيرباص للبحث في سبل تعزيز التعاون في مجال الفضاء وغير ذلك من المشاريع الاستثمارية المحتملة.
وأكد الرئيس التنفيذي للوكالة محمد التميمي أن المركز الجديد ملتزم بتعزيز اقتصاد فضاء حيوي ومزدهر ومستدام عالميا من خلال تطوير المبادئ وتوسيع المعرفة وتحسين النماذج وتنمية الشراكات.
ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى التميمي قوله إن “المملكة ومن خلال هذه الشراكة الإستراتيجية تهدف إلى اغتنام الفرص الهائلة للفضاء بمسؤولية وحرص شديدين”.
وتسعى الوكالة من خلال المركز، الذي ستديره مع المنتدى، إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات والمعرفة في مجال اقتصاد الفضاء العالمي، كما سيتيح الوصول إلى مجتمع الثورة الصناعية الرابعة.
ويتطلع المركز إلى تحقيق العديد من الأهداف في مقدمتها إرساء منصة عالمية لتعظيم القيمة الاقتصادية والبيئية وتطوير أفضل الممارسات والسياسات التنظيمية والتشريعية، إضافة إلى تحفيز الابتكار.
كما سيعمل مع مركز الثورة الصناعية الرابعة القائم في السعودية (سي 4 آي.آر) على دعم رؤية 2030، والتي تمثل خارطة طريق للتنويع الاقتصادي، وبناء مستقبل مميز على الأصعدة كافة، إلى جانب تعزيز جودة الحياة.
جريمي جورغنز: مركز مستقبل الفضاء يعكس أهمية معالجة القضايا الملحة
أوضح المدير التنفيذي للمنتدى جريمي جورغنز أن التأثير الفضائي على الأرض كبير ويمكن ملاحظته بالنظر إلى ما تقدمه التقنيات الفضائية من خدمات جليلة للبشرية كمراقبة آثار تغير المناخ وزيادة التواصل البشري عبر الأقمار الاصطناعية.
وقال إن “انضمام المركز إلى شبكة سي 4 آي.آر هو اعتراف بأهمية معالجة قضايا متنوعة مثل الابتكار التكنولوجي في الفضاء والسياسات والتنظيم، إلى جانب الاستدامة”.
وكان مجلس الوزراء السعودي قد وافق في يونيو الماضي على تحويل الهيئة السعودية للفضاء، التي أطلقت في 2018، إلى وكالة الفضاء السعودية، ويؤكد هذا التزام البلد بقطاع الفضاء وأنشطة الاستكشاف.
وجاءت الخطوة بعد الإطلاق الناجح لأول مهمة فضائية سعودية في مايو 2023 إلى محطة الفضاء الدولية، برعاية حكومية. وشملت الرحلة رائدي فضاء سعوديين، أحدهما باحثة في الخلايا الجذعية، وهي أول امرأة سعودية تسافر إلى الفضاء.
وتسعى السعودية إلى اللحاق بركب جارتها الإمارات التي حققت على مدار العقد الماضي إنجازات كبيرة في مجال الفضاء، حيث دشنت أربعة مراكز للبحث والتطوير منذ إطلاق إستراتيجيتها للفضاء 2030 في عام 2019.
كما وضعت قوانين وأنظمة للفضاء، وأطلقت مسبار الأمل الذي دار حول المريخ في 2021، ما يجعلها الدولة السادسة عالميا والأولى عربيا التي تصل إلى هذا الكوكب.
وذكرت مجموعة أكسفورد للأعمال في أحد تقاريرها قبل فترة أن تطوير قطاع الفضاء والانخراط في الخطط الاستكشافية الطموحة، يتطلبان إنفاقا رأسماليا ضخما على المشاريع التي قد لا تؤتي ثمارها لسنوات.
وتتمتع دول الخليج العربي بخبرة كبيرة في الآفاق الزمنية للاستثمار بفضل تاريخها في مجال الوقود الأحفوري. وتطابق هذه المغامرة إستراتيجياتها طويلة المدى الهادفة إلى تنويع اقتصاداتها
266.6 مليار دولار حجم الفرص التي يمكن أن تولدها الثورة الصناعية الرابعة للسعودية
ويتسارع التوسع في الأنشطة الفضائية في جميع أنحاء الشرق الأوسط بفضل التقدم في التقنيات التي تشكل الثورة الصناعية الرابعة كالبلوك تشين والذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد وعلم المواد وتكنولوجيا النانو والتكنولوجيا الحيوية.
ويقول الخبراء إن هذه التطورات ساعدت في خفض تكاليف إطلاق الأقمار الاصطناعية إلى الفضاء، كما عززت أيضا قدرات الأقمار الأصغر حجما.
ويتوقع أن توفر الثورة الصناعية الرابعة ما يمكن أن يكون فرصة بقيمة 266.6 مليار دولار للسعودية، بما يتوافق مع رؤيتها الطموحة التي ستنتهي بحلول العقد المقبل.
وحاليا يتم تصنيع الأقمار الاصطناعية السعودية كأجزاء هيكلية في الورشة الميكانيكية التابعة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي أصبحت الآن جزءا من مركز الصناعة الرابعة.
وهناك فريق خاص لدى معهد بحوث الفضاء والطيران لإنتاج الألواح الإلكترونية المطلوبة لتكامل تشغيل القمر الاصطناعي بالشكل الأمثل في الفضاء، حيث يقوم بتصميمها مسبقا مهندسون مختصون في المركز بحسب المتطلبات ووفقا للمعايير الدولية.
وقبل سنوات قليلة أنشأت مدينة الملك عبدالعزيز مركز تميز الفضاء والأرض بالتعاون مع معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك) ومركز تميز أبحاث الفضاء والطيران المشترك مع جامعة ستانفورد الأميركية.
كما أبرمت السعودية اتفاقيات أخرى في مجال تقنية الفضاء الخارجي وتطبيقاته مع دول عديدة كالولايات المتحدة والصين وروسيا وألمانيا وفرنسا وكازاخستان.
ومن المرجح أن يساعد الاستثمار في الفضاء السعودية على تطوير قدراتها الفنية وخبراتها في هندسة الطيران، كما يدعم البحث والتطوير المتقدم قطاعات الدفاع والسياحة والتكنولوجيا وغيرها من المجالات.
إقرأ أيضاً :
الحكومة تطرح 20 ألف رأس ماشية خلال عيد الأضحى بمنافذ التوزيع