كتب – أحمد زكي : في قلب المشهد السياحي المتجدد بمصر، حيث تلتقي حضارة الفراعنة بزرقة البحر وأمواج الاسترخاء، برزت جلسات المساج والسبا كأحد أهم العناصر التكميلية التي تمنح السائح تجربة متكاملة. لم تعد هذه الجلسات رفاهية عابرة، بل تحوّلت إلى روح جديدة للسياحة الفندقية، تلبي رغبة السائح في الراحة، وتفتح أمام مصر أفقًا أوسع في عالم السياحة العلاجية والروحية.
واقع السياحة ودور خدمات السبا
بلغ عدد السياح الوافدين إلى مصر عام 2024 أكثر من 15.7 مليون سائح، بإيرادات قاربت 14.1 مليار دولار.
تسعى الحكومة للوصول إلى 30 مليون سائح سنويًا بحلول 2028، مع التركيز على تنويع الخدمات السياحية، لا سيما خدمات الرفاهية والسبا.
تشكل جلسات السبا سببًا مباشرًا لتمديد إقامة السائح داخل الفنادق من 3 إلى 5 أيام إضافية، بحسب بيانات بعض فنادق الغردقة ومرسى علم.
جلسات السبا في مصر: بين الطبيعة والهوية
تمتلك مصر مصادر طبيعية نادرة تجعل منها أرضًا مثالية للسياحة العلاجية: الرمال السوداء، المياه الكبريتية، المناخ الجاف، والزيوت العطرية الطبيعية.
تقول د. هبة سراج، استشارية الطب الطبيعي، إن جلسات التدليك بالزيوت المصرية مثل زيت الجوجوبا والنعناع “تُسهم في تخفيف التوتر العضلي وتحسين الدورة الدموية”، وهو ما يجذب السياح الأوروبيين الباحثين عن الراحة البديلة.
شهادات من السائحين
تقول السائحة الألمانية “إريكا شولتز” من منتجع في الغردقة:
“أنا لا أزور مصر فقط من أجل الشمس، بل من أجل جلسات السبا اليومية… إنها تمنحني توازنًا نفسيًا وجسديًا.”
ويقول سائح روسي، “السبا في مصر مدهش… نفس جودة أوروبا ولكن بأسعار أقل بكثير، والخدمة بروح ضيافة مصرية مميزة.”
أرقام السوق وتأثيراته الاقتصادية
السوق العالمي للسبا تجاوز 82 مليار دولار في 2024، وتُقدّر حصّة مصر منه بنحو 300 مليون دولار سنويًا، مع مؤشرات نمو متزايدة.
وفقًا لتقديرات خبراء السياحة، ترفع خدمات السبا من عوائد الفندق بنسبة تتراوح بين 15% إلى 20%.
مراكز السبا في مصر توظّف الآلاف من الشباب والفتيات، وتوفر فرص تدريب وشهادات مهنية معتمدة دوليًا.
رأي الخبراء
يشير الخبير السياحي عماد محروس إلى أن “السبا بات شرطًا لتصنيف الفنادق الخمس نجوم، ووسيلة لجذب شرائح جديدة من السياح مثل كبار السن والنساء الباحثات عن الراحة النفسية.”
وأضافت د. نهى عبد المنعم، خبيرة صحة عامة، “نحتاج لتكامل بين قطاعي السياحة والصحة لوضع مصر على خريطة السياحة العلاجية، خاصة مع الموارد الطبيعية المتوفرة لدينا.”
توصيات لتطوير القطاع.
1. دعم حكومي واضح عبر إدراج السبا ضمن برامج الترويج السياحي الخارجية.
2. تشجيع المنتجعات على استخدام زيوت وخامات محلية لتعزيز الهوية المصرية.
3. تدريب العاملين وتأهيلهم بمراكز معتمدة، بما يضمن جودة الخدمة وسلامة النزلاء.
4. اعتماد الشهادات الدولية مثل “WellHotel” لضمان الثقة في الجودة.
5. دمج السبا في السياحة العلاجية من خلال التعاون مع وزارتي الصحة والسياحة.
جلسات المساج والسبا ليست مجرّد خدمة جانبية داخل الفنادق، بل هي روح جديدة تنعش الجسد وتعيد تعريف السياحة المصرية في العصر الحديث. وإذا ما أحسنّا إدارتها واستثمارها، يمكن لمصر أن تقود المنطقة في مجال السياحة العلاجية والروحية، وتُثري تجربة السائح بمزيج فريد من الراحة، والجمال، والتاريخ.

إقرأ أيضاً :