وكالات: بعد عقود من العقبات والتأخيرات، أصبحت مدينة مومباي في الهند، وهي من أكثر مدن العالم ازدحامًا، تمتلك مطارًا ثانيًا.
يتمتع مطار “نافي مومباي” الدولي الجديد للمسافرين بخطوط انتظار أقصر، ورحلات أكثر، وتجربة أكثر سلاسة مقارنة بالمطارات الأخرى.
بالنسبة إلى المدينة، التي عانت طويلاً من ضغوط وجود مطار وحيد فقط، يُعدّ هذا إنجازًا هندسيًا مبهرًا.
بعد تسوية التلال وتحويل مجاري الأنهار.. الهند تفتتح مطارًا جديدًا في مومباي
استغرق بناء المطار 20 عامًا تقريبًا، في عملية شملت تسطيح التلال، وتحويل مجاري الأنهار، وربط الجداول.
تمنح المرحلة الأولى وحدها لهذا المشروع المدينة مبنى ركاب مُصمم لاستيعاب 20 مليون مسافر سنويًا، ما يُخفف الضغط على مطار مومباي الحالي، “شاتراباتي شيفاجي مهراج” الدولي، أو “BOM”.
في عام 2019، استقبل مطار”BOM” 48.83 مليون مسافر.
اليوم، بصفته أحد أكثر المطارات ازدحامًا في آسيا، يخدم المطار بالفعل أكثر من 54 مليون مسافر سنويًا، بشكلٍ يجعل التأخيرات، والطوابير الطويلة، والازدحام جزءًا لا يتجزأ من تجربة السفر الجوي في المدينة.
قال مارك د. مارتن وهو محلل طيران مقيم في الهند إنّه “مطار رائع، لكن لم تُطوَّر المنطقة بعد”، لافتًا إلى أن “جدوى واستدامة أي مطار في الهند تعتمد بشكلٍ كامل على مدى سهولة وصول السكان إليه”.
تأخذ رؤية مطار “نافي مومباي” الجديد (NMI) النمو المستقبلي في عين الاعتبار.
من المتوقع أن يضم المطار أربع مباني ركاب بسعة 90 مليون مسافر سنويًا بحلول عام 2032، ما سيضع مومباي في المستوى ذاته للمراكز العالمية متعددة المطارات مثل لندن، ونيويورك، ودبي.
افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي “نافي مومباي” في 8 أكتوبر/تشرين الأول، وقال في كلمة أمام وسائل الإعلام في موقع المطار: “بهذا المطار الجديد، سيتمكن مزارعو ماهاراشترا من التواصل مع متاجر أوروبا والشرق الأوسط. وستصل منتجات الصيادين إلى السوق العالمية بسرعة”.
وفقًا لمسؤولي المطار، يمكن للمسافرين توقع وجود طوابير أقصر، وعمليات تسجيل وصول أسرع بفضل استخدام المقاييس الحيوية، ورحلات ربط أكثر سلاسة مع بدء شركات الطيران في توسيع مساراتها.
ستكون عمليات الشحن بالقدر ذاته من الأهمية، مع وصول سعة المطار الاستيعابية إلى 800 ألف طن سنويًا، ما يحفز دور مومباي كمركز للأدوية والتجارة الإلكترونية.
الاختبار الأول: حركة المرور في مومباي
صُمم مطار “نافي مومباي الجديد”، الذي ابتكرته شركة زها حديد للهندسة المعمارية، ليترك انطباعًا مميزًا من الناحية البصرية.
يجسد تصميم المبني، المستوحى من شكل زهرة اللوتس، زخارف هندية قديمة تعكس النقاء والصمود.
تُتَوِّج قبة من بتلات ذهبية السقف، بينما يمزج التصميم الداخلي بين نمط “جالي” الشبكي، والزجاج العصري، والإضاءة لصنع تجربة ركاب أكثر هدوءًا وراحة.
تتجلى الاستدامة في جميع جوانب التصميم، من استخدام التبريد الطبيعي، والطاقة المتجددة، إلى إعادة تدوير المياه.
في الداخل، يَعِد المطار بتوفير صالات عصرية، ومطاعم، وخدمات مدعومة بالتكنولوجيا تهدف إلى تخفيف عناء الرحلات.
لكن لا يزال الوصول إلى المطار يشكل عقبة.
رغم أنّ خطط الربط بمطار “نافي مومباي” الدولي طموحة بقدر تصميم مبنى الركاب، إلا أنّ الواقع أكثر تعقيدًا.
خفّف جسر “مومباي ترانس هاربور لينك”، وهو أكبر جسر بحري في الهند، وقت السفر إلى جنوب مومباي بمقدار 20 دقيقة.
مع ذلك، قد تُطيل حركة المرور خلال ساعات الذروة على الطرق المتصلة هذه الرحلة إلى بضع ساعات أكثر.
يعتقد مارتن أنّ الوقت وحده كفيل بإثبات مدى اندماج مطار “نافي مومباي” الدولي ضمن مشهد النقل بالهند، إذ شَرَح قائلًا: “يستغرق الأمر وقتًا حتى ينضج المطار، وتتطور أنظمة الدعم الإضافية، مثل الفنادق، وخيارات الإقامة، وسهولة الوصول إلى المدينة عبر شبكة قوية من سيارات الأجرة، وأنظمة المترو، والحافلات، أو القطارت”.
لا تزال عمليات توسعة أنظمة المترو وخطوط الحافلات السريعة قيد التنفيذ. وستعتمد خدمات النقل المكوكية على التنسيق الدقيق مع جداول مواعيد القطارات والحافلات، وهو أمر ليس مضمونًا دائمًا في ظل شبكة النقل المتشابكة في مومباي. و
مع عدم وجود اتصال مباشر بالمترو من المناطق التجارية الرئيسية عند الإطلاق، من المرجح أن يلجأ غالبية الركاب إلى استخدام السيارات، ما يزيد من الضغط على الطرق المزدحمة بالفعل.
ويُعتبر المطار الجديد مصدر راحة واختبار في آنٍ واحد، بالنسبة لمومباي، إذ سيتعتمد نجاحه على قدرة المدينة في حل مشاكل النقل البري المزعجة للمسافرين.