كتب_أحمد زكي : تستعد السياحة الأردنية للدخول في مرحلة جديدة من الانتعاش إثر تحقيقها مؤشرات إيجابية منذ بداية هذا العام، وهو ما يشي بعودة الزخم إلى القطاع بشكل أكبر وتعزيز المكاسب بعد خسائر تكبدها خلال عامين قبل الحرب في شرق أوروبا.
أكدت أحدث المؤشرات أن القطاع السياحي في الأردن تمكّن من استعادة توازنه بعدما اقترب نشاطه في 2022 من مستويات ما قبل الوباء، ما يعطي التفاؤل بأن تحقق الحكومة طموحاتها باستقبال المزيد من الزوار هذا العام وتعزيز احتياطاتها النقدية.
توثيق لحظات للذكرى فوق سفينة الصحراء.
ومع بلوغ الأرقام مستويات غير مسبوقة منذ بداية 2023، قدر خبراء أن يواصل القطاع تحقيق إنجازات حتى نهاية العام، مدفوعة بالأعداد الكبيرة للسياح القادمين إلى الوجهة الأردنية.
ويحدو العاملين في القطاع وأصحاب المرافق السياحية والفنادق الكثير من التفاؤل بشأن انتعاش أنشطتهم في ذروة الموسم خلال هذا الصيف لتعويض جزء من نزيف الخسائر المنجرة عن الأزمة الصحية العالمية.
وتحملت السياحة الضريبة الأكبر للإغلاق الاقتصادي، حيث راكمت الجائحة طيلة أشهر الغبار على مرافق القطاع، مما حرم البلد من إيرادات مهمة في ظل سعيه المحموم لدفع الاقتصاد ومواجهة نقص الموارد.
كما اتخذت الحكومة خطوات لإعادة عدد السياح الأجانب إلى الرقم القياسي البالغ 3 ملايين سائح استقبلهم الأردن في 2019، وصل الكثيرون منهم على متن شركات طيران أوروبية منخفضة التكلفة تتقدمها شركة رايان إير، التي استأنفت رحلاتها قبل أشهر.
ويرى خبراء أن 2023 يعد وفقا للمعطيات الحالية، عاما قياسيا في مختلف الصعد، حيث سجل الدخل السياحي وأعداد القادمين حتى الآن مستويات فاقت تلك المسجلة خلال الفترة ذاتها التي سبقت عام الوباء، والذي اعتبر في ذلك الوقت عاما ذهبيا للسياحة الأردنية.
وارتفع الدخل السياحي في الأردن 84.5 في المئة على أساس سنوي، خلال الثلث الأول من هذا العام، مدفوعا بحركة الزوار الوافدين، وفق بيانات البنك المركزي.
وحقق الدخل السياحي حتى نهاية أبريل الماضي 2.21 مليار دينار (3.11 مليار دولار)، مقارنة مع نحو 1.21 مليار دولار، خلال الفترة نفسها قبل عام.
وجاء الارتفاع نتيجة صعود عدد السياح القادمين إلى الوجهة الأردنية بنسبة 87.2 في المئة ليصل إلى 1.95 مليون سائح خلال الفترة المذكورة.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن القطاع بدأ خلال 2022 في التعافي من تداعيات الوباء، إذ تجاوز عدد زوار الأردن نحو 4.6 مليون شخص، بينما تجاوزت عائدات السياحة نحو 5.3 مليار دولار.
وتشكل السياحة التي تتشابك مع قرابة 90 مهنة بطريقة غير مباشرة، رافدا إستراتيجيا لتعزيز احتياطات البلاد من العملة الصعبة إلى جانب عائدات الصادرات السلعية والخدمية، والمنح والقروض والمساعدات الخارجية.
ويساهم القطاع بحوالي 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظّف أكثر من 55 ألف عامل في هذا القطاع الحيوي للبلاد، التي تعتمد بشكل مفرط على المساعدات الخارجية.
محمود الخصاونة: سجلنا أرقاما أعلى بنسبة 25 في المئة مقارنة مع 2019
وقال عضو مجلس إدارة جمعية وكلاء السياحة والسفر محمود الخصاونة إن “السنة الحالية يمكن اعتبارها مميزة جدا، إذ سجلت حتى الآن زيادة بنسبة 25 في المئة مقارنة بنفس الفترة من 2019”.
وبين الخصاونة في حديث لوكالة الأناضول أن الإنجاز حتى نهاية العام الحالي لن يكون أقل من هذا المستوى، بل قد يتعدى ذلك، بالنظر إلى نسب الحجوزات المسجلة، وخصوصا خلال الربع الأخير من 2023.
وأكد أن التوقعات تقدر أن يصل عدد زوار مدينة البتراء وحدها بنهاية العام إلى نحو 1.6 مليون سائح أو أكثر، مع زيادة في عدد السياح عموما بنسب تتراوح ما بين 10 و15 في المئة مقارنة بعام 2019.
وأرجع هذه الزيادات إلى الأثر الإيجابي لقرارات منظمة السياحة العالمية باختيار الأردن مركزا للعلاج والاستشفاء، وكذلك اعتبار مدينة أم قيس الأردنية، قرية سياحية عالمية.
ويضم الأردن العشرات من المواقع السياحية التي تستقطب السياح الأجانب، أبرزها البحر الميت والبتراء ووادي رم وجرش والمغطس.
وكان وزير السياحة والآثار مكرم القيسي، قال في وقت سابق من هذا العام، إن القطاع السياحي بأحسن حالاته.
وأوضح في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن أرقام القطاع هذا العام مبشرة جدا، مبينا أن الهدف الرئيسي ليس فقط جذب الزوار، بل أن يعود السائح إلى الأردن أكثر من مرة.
وسجل عدد المسافرين عبر مطار الملكة علياء الدولي منذ بداية العام وحتى نهاية أبريل الماضي، نموا نسبته 51 في المئة بعدد 2.8 مليون مسافر مقارنة مع 1.8 مليون مسافر لنفس الفترة من العام الماضي و2.7 مليون مسافر خلال الفترة ذاتها من 2019.
وقال رئيس المجلس الوطني لمهارات قطاع السياحة والضيافة محمد القاسم إن “العديد من الأسباب جعلت من هذا العام مميزا بأرقامه في قطاع السياحة، وأهمها تعزيز الطيران منخفض التكاليف، الذي شجع القدوم إلى الأردن سواء في شكل مجموعات أو حتى أفراد”.
وأشار إلى أن التركيز الآن هو على أسواق غير تقليدية، بالاستفادة من الطيران منخفض التكاليف أيضا، والذي ساعد على فتح العديد من الأسواق الجديدة للسياحة إلى المملكة.
كما ركز القاسم على أهمية العمل في محور تطوير مهارات العاملين في قطاع السياحة والضيافة، وتنمية وتطوير المهارات المهنية والتقنية.
وتحتاج تنمية السياحة وجعلها تحقق إيرادات أكبر إلى فتح أسواق سياحية جديدة غير الأسواق التقليدية، كروسيا، إضافة إلى التركيز على الوافدين من دول الخليج وشرق آسيا.
وقدّر نائب رئيس جمعية السياحة الوافدة عوني قعوار في حديث للأناضول، أن يستمر الأداء المميز للقطاع السياحي العام الحالي، خصوصا خلال الفترة من سبتمبر وحتى نوفمبر المقبلين، والذي يعد موسما للسياحة الأوروبية الوافدة.
وقال إن “الأردن تمكن وبمساعدة الطيران منخفض التكاليف، من ولوج أسواق أوروبية غير تقليدية مثل دول أوروبا الشرقية التي أصبحت سوقا مهمة للسياحة الأردنية”.
وارتفعت أعداد سياح المبيت خلال الثلث الأول من العام الحالي 2023 بنسبة 78.7 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، إلى 1.597 مليون سائح، صعودا من 894 ألف سائح على أساس سنوي.
إقرأ أيضاً :