كتب – أحمد زكي : من بين العديد من الشخصيات التي رافقت طفولتنا في عالم الرسوم المتحركة، تبرز شخصية “السيدة السمراء” التي ظهرت في الحلقات الكلاسيكية من مسلسل توم وجيري. بصراخها المميز وردود أفعالها الظريفة، تركت هذه الشخصية بصمة لا تُنسى لدى الأجيال. لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذه الشخصية الكرتونية مستوحاة من شخصية حقيقية هي الممثلة الأفريقية الأمريكية “هاتي ماكدانيال”، أول امرأة من أصول أفريقية تحصل على جائزة الأوسكار، والتي كانت مصدر الإلهام وراء “السيدة السمراء”.
قصة الشخصية الحقيقية
هاتي ماكدانيال، المولودة عام 1893، كانت واحدة من أبرز الممثلات في عصرها، على الرغم من العقبات الكبيرة التي واجهتها بسبب أصولها الأفريقية. اشتهرت بدورها في فيلم ذهب مع الريح (Gone with the Wind) الذي فازت من خلاله بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة عام 1940، لتصبح بذلك أول أفريقية أمريكية تحقق هذا الإنجاز التاريخي.
عندما تقرر إدراج شخصية “السيدة السمراء” في حلقات توم وجيري، استوحى صناع الرسوم المتحركة ملامح هذه الشخصية من هاتي ماكدانيال، لا سيما صوتها وأسلوبها الفريد في التحدث. لكن بناءً على طلب هاتي نفسها، عُرضت الشخصية دون الكشف عن وجهها، لإثارة فضول المشاهدين، خاصة الأطفال، الذين تخيلوا ملامحها وفقًا لخيالهم.
لماذا طلبت إخفاء وجهها؟
في تلك الحقبة، كان تصوير الشخصيات ذات الأصول الأفريقية في الإعلام الأمريكي غالبًا ما يكون محدودًا بنمطيات محددة. لذلك، قررت هاتي أن تُبرز صوتها وأدائها فقط، متجاوزة بذلك التحديات الاجتماعية والجمالية التي كانت تفرضها هوليوود آنذاك. كان قرارها إبداعيًا بامتياز، إذ جعل الأطفال يركزون على أدائها الصوتي وتصرفاتها المميزة بدلًا من شكلها.
التأثير الثقافي للشخصية
تحولت “السيدة السمراء” إلى رمز في الثقافة الشعبية، ليس فقط بسبب ظهورها الكوميدي في توم وجيري، بل لأنها كانت أول مثال في الرسوم المتحركة يجسد حضور المرأة الأفريقية بلمسة فكاهية مميزة. هذه الشخصية تمثل جزءًا من الإرث الفني لهاتي ماكدانيال، التي لم تخشَ التحديات وساهمت في تشكيل صورة جديدة للمرأة الأفريقية في الإعلام.
قصة “دولفين السيدة السمراء” هي أكثر من مجرد شخصية كرتونية، إنها حكاية إبداع وجرأة لممثلة أفريقية تحدت الظروف الاجتماعية وكتبت اسمها في سجل التاريخ الفني. من خلال صوتها وشخصيتها، أثرت هاتي ماكدانيال في الأجيال، ليبقى حضورها خالدًا في قلوب عشاق توم وجيري.