وكالات: في ظل تصاعد التوترات السياسية وتشديد إجراءات الهجرة على الحدود الأميركية، بدأت شركات أوروبية بمراجعة سياساتها المتعلقة بسفر موظفيها إلى الولايات المتحدة، وسط مخاوف متزايدة بشأن سلامة الموظفين واحتمالات تعرضهم للاحتجاز أو الترحيل.
ورغم أن بعض الشركات، خصوصاً في مجالات مثل الهندسة والمحاسبة، تواصل إرسال موظفيها إلى أميركا دون تغيير، فإن مؤسسات أخرى، لا سيما العاملة في مجالات حساسة سياسياً، بدأت باتخاذ تدابير احترازية. من بين هذه التدابير: إصدار تعليمات جديدة للسفر، مثل استخدام أجهزة إلكترونية “نظيفة”، أو الدخول إلى الولايات المتحدة عبر كندا، أو حتى تشجيع المشاركة الافتراضية في المؤتمرات الأميركية، بحسب ما ذكرته “CNBC”، واطلعت عليه “العربية Business”.
وتُعدّ رحلات الأعمال مصدر دخل رئيسي للاقتصاد الأميركي، إذ بلغت قيمة الإنفاق في هذا القطاع نحو 421 مليار دولار في عام 2022، وفقاً لتقرير صادر عن رابطة السفر للأعمال العالمية (GBTA)، ما دعم نحو 6 ملايين وظيفة، وولد 119 مليار دولار كعوائد ضريبية.
لكن استطلاعاً للرابطة شمل 900 من مسؤولي السفر العالميين أظهر أن 29% منهم يتوقعون تراجعاً في حجم سفر الأعمال إلى الولايات المتحدة خلال عام 2025، بسبب السياسات الأميركية المتعلقة بالسفر والرسوم الجمركية، ما يعكس تراجعاً في التفاؤل داخل القطاع.
منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه، أصبحت قضايا الهجرة والتأشيرات أكثر حساسية، مع تقارير عن احتجاز سياح لفترات طويلة، وتعهدات من البيت الأبيض بتشديد إجراءات التدقيق الأمني على جميع القادمين.
وفي أبريل، أعلنت واشنطن عن سياسة “الضربة الواحدة”، التي تنص على إلغاء تأشيرة أي شخص يرتكب مخالفة قانونية واحدة، بغض النظر عن خطورتها، ما أثار قلقاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والبحثية.
رئيس إحدى المنظمات غير الحكومية الدولية ومقرها لندن، قال لشبكة “CNBC” إن مؤسسته وضعت بروتوكولاً جديداً للسفر إلى الولايات المتحدة، يشمل إجراءات أمنية غير معتادة، مثل استخدام أجهزة إلكترونية مؤقتة، وتدريب الموظفين على كيفية التعامل مع استجوابات محتملة عند الحدود.
وأضاف دون الكشف عن اسمه أو اسم المؤسسة: “هذه الإجراءات كنا نطبقها عند السفر إلى دول مثل الصين أو أذربيجان… لم أتخيل يوماً أننا سنضطر لتطبيقها عند السفر إلى الولايات المتحدة”.
باحث أكاديمي في جامعة سويسرية أشار إلى أن بعض زملائه تلقوا تعليمات بالسفر إلى أميركا عبر كندا، أو حضور المؤتمرات افتراضياً لتجنب تعقيدات التأشيرات. ورغم أن البعض لا يزال يسافر دون مشاكل، فإن آخرين تعرضوا لاستجوابات مطولة، ما دفع بعضهم لإلغاء مشاركتهم في مؤتمرات صيفية.
وفي ظل هذا المناخ، تتفق الشركات والمؤسسات على أن حالة من “الضبابية” تسيطر على مستقبل السفر إلى الولايات المتحدة، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت هذه المخاوف مبالغاً فيها، أم أن “الضجيج السياسي” هذه المرة يحمل في طياته تهديدات حقيقية.
اقرأ أيضًا: