وكالات: أظهرت بيانات من شركة «سي إتش أفيشن» السويسرية لمعلومات الطيران أن شركات صناعة الطائرات الروسية لم تُسلّم سوى طائرة واحدة من أصل 15 طائرة تجارية مُخطط تسليمها هذا العام، حيث تُعطّل العقوبات المفروضة على المكونات الأجنبية عمليات الإنتاج، وتعوق أسعار الفائدة المرتفعة الاستثمار.
منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، قطعت العقوبات الغربية الطريق أمام وصول الطائرات وقطع الغيار الأجنبية إلى روسيا، ومع أسطول يضم أكثر من 700 طائرة، تُهيمن عليها طائرات إيرباص وبوينغ، تعتمد شركات الطيران الروسية الآن على طرق استيراد مُعقدة وغير مباشرة للحصول على المكونات الأساسية.
قال مصدر في صناعة الطيران الروسية، طلب عدم الكشف عن اسمه نظراً لحساسية الأمر «لا توجد قاعدة لإنتاج المكونات، ولا تكنولوجيا، ولا مرافق إنتاج، ولا مهندسون، إن بناء كل هذا من الصفر يستغرق سنوات، إن لم يكن عقوداً».
ونظراً للتحديات الجغرافية التي تواجهها روسيا كأكبر دولة في العالم، فإنها تعتمد على الطائرات التجارية لنقل البضائع والركاب محلياً.
وتُسلط الحوادث الكبرى الأخيرة الضوء على الحاجة المُلحة لمنع تدهور الأسطول.
في أواخر يوليو تحطمت طائرة أنتونوف 24 من الحقبة السوفيتية، بُنيت عام 1976، في أقصى شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 48 شخصاً، وبعد أيام أوقفت شركة الطيران الوطنية إيروفلوت عشرات الرحلات الجوية إثر هجوم إلكتروني.
تُعدّ معاناة قطاع الطيران في سعيه لتحقيق الاكتفاء الذاتي جزءاً من تباطؤ صناعي أوسع نطاقاً، فقد انكمش إنتاج المصانع في روسيا في يوليو الماضي بأسرع وتيرة له منذ مارس 2022، وفقاً لبيانات مؤشر مديري المشتريات.
وصرح مسؤولون وشركات بأن ارتفاع أسعار الفائدة لعب دوراً في تراجع إنتاج السيارات، وعمليات إفلاس في قطاع الفحم، وتباطؤ أحجام صادرات السلع الأساسية مثل المعادن والمنتجات النفطية، بالإضافة إلى تعثر خطط تصنيع الطائرات، ما أسهم في تباطؤ النمو الاقتصادي.
وقال دميتري بوليفوي، رئيس قسم الاستثمار في شركة أسترا لإدارة الأصول، محذراً من أن القطاع الصناعي على شفا الركود «يتضرر القطاع بشكل أسرع وأشد بسبب تشديد السياسة النقدية».
في عام 2021، أضافت روسيا 52 طائرة تجارية جديدة إلى أسطولها، بما في ذلك 27 طائرة من إيرباص، وثلاث طائرات من بوينغ، و22 طائرة سوخوي سوبر جيت مصنوعة من قطع مستوردة، وتوزعت الطائرات الجديدة بين شركات طيران تشمل إيروفلوت، وإس 7، وريد وينغز، وروسيا، وأورال إيرلاينز، وفقاً لبيانات «سي إتش أفيشن».
ومنذ ذلك الحين، لم تُضف سوى 13 طائرة جديدة هي 12 طائرة سوخوي سوبر جيت تستخدمها العديد من شركات الطيران الروسية، وطائرة توبوليف تو-214، وهي طائرة نفاثة ثنائية المحرك وضيقة البدن مصممة للرحلات متوسطة المدى.
وتراجع الحكومة بشكل مستمر أهدافها الإنتاجية، ففي منتصف عام 2024 خفضت هدف التسليم للفترة 2024-2025 إلى 21 طائرة من 171 طائرة، وفي الشهر الماضي، صرّح مسؤولون بأنه سيتم مراجعة الأهداف مجدداً، مشيرين إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة زاد من تكلفة التمويل وأبطأ الإنتاج.
وواجه تكتل روستيك الحكومي -الذي يشرف على إنتاج طائرات سوبر جيت-100، وتوبوليف تو-214، وطائرات إليوشن للركاب، وطائرة ياكوفليف إم سي-21 الجديدة- صعوبة في الالتزام بالمواعيد النهائية.
وصرح سيرجي تشيميزوف الرئيس التنفيذي لشركة روستيك، لرويترز العام الماضي، بأن روسيا ستنتج طائرات ركاب خاصة بها، لكن مواعيد التسليم تأجلت.
وكانت طائرة إم سي-21، المصنوعة بالكامل من أجزاء روسية الصنع، أثقل بكثير من النسخة المصنوعة من أجزاء مستوردة، ما قلل من مداها وكفاءتها في استهلاك الوقود، لذلك ترددت شركات الطيران في الاعتماد عليها، وفقاً لمصدر في قطاع الطيران الروسي.
ويوم الثلاثاء الماضي أبلغ تشيميزوف الرئيس التنفيذي لشركة روستيك، ميخائيل ميشوستين رئيس الوزراء الروسي، أن إنتاج طائرات إم سي-21 وإس جيه-100 وإيل- 114 سيبدأ في عام 2026، أي بعد عامين من الموعد الذي كان مخطط له.
على الرغم من الجهود المبذولة لتوطين الإنتاج، لا تزال روسيا تعتمد على الموردين الأجانب.
تُظهر بيانات الجمارك التي اطلعت عليها رويترز أنه تم استيراد قطع غيار لا تقل قيمتها عن 300 ألف دولار أميركي في عام 2024 عبر وسطاء، وشملت هذه القطع مكونات من شركة سافران الفرنسية، وهانيويل الأميركية، ورولز رويس البريطانية.
وقد طورت روسيا نظاماً للواردات الموازية، يسمح بدخول البضائع إلى البلاد عبر أطراف ثالثة، دون علم الشركة المصنعة أو موافقتها.
وقالت شركة هانيويل الأميركية إنها لا تقدم أي معدات أو أجزاء أو منتجات لأي شركة في روسيا، «وتعمل بنشاط على تحديد ومقاطعة أي تحويل محتمل لمنتجاتنا إلى روسيا عبر أطراف ثالثة».
قال وزير الصناعة والتجارة أنطون عليخانوف الشهر الماضي إن روسيا تسعى لحل مشكلة فريدة وفائقة التعقيد، «لا توجد دولة أخرى في العالم تُنتج طائرات بديلة بالكامل دون الاعتماد على الواردات».
تُظهر بيانات هيئة الإحصاء الروسية (روستات) أن انخفاض المعروض من الطائرات مع بقاء الطلب مرتفعاً دفع الأسعار إلى الارتفاع بشكل مطرد خلال عامي 2023 و2024.
واضطرت موسكو إلى اتخاذ خطوات مبتكرة، حيث طلبت من شركات الطيران من دول آسيا الوسطى مثل كازاخستان وأوزبكستان تشغيل رحلات داخلية في روسيا.
اقرأ أيضًا: