كتبت- دعاء سمير- وكالات: يشهد قطاع الطيران في دولة الإمارات تحوّلاً نوعياً نحو الاستدامة، مدفوعاً برؤية طموحة لتحقيق الحياد الكربوني، بحلول عام 2050، ضمن الاستراتيجية الوطنية للطيران المدني والمناخ. تتصدر شركات الطيران الوطنية هذا التحول، من خلال مبادرات بيئية متقدمة، تهدف إلى خفض الانبعاثات وتحسين الكفاءة التشغيلية.
مع توقّع تضاعف حركة السفر الجوي، خلال الأعوام المقبلة، تزداد الحاجة إلى حلول مبتكرة للحد من الانبعاثات، أبرزها وقود الطيران المستدام، الذي يُمكن مزجه بنسبة تصل إلى 50% مع الوقود التقليدي، ما يسهم في خفض الانبعاثات بنسبة تصل إلى 80%.
وتواصل الإمارات تعزيز مكانتها العالمية كداعم رئيسي للطيران المستدام، حيث شهد فبراير/ شباط 2025 اعتماد مجلس منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو)، خلال دورته التي عُقدت في أبوظبي، مبادرة الإمارات «السوق العالمي للطيران المستدام» كفعالية سنوية رسمية، ضمن أجندة المنظمة. وعزّز هذه التوجهات إنشاء الإمارات تحالف «إير-كرافت» منذ 2023، الذي يضم نخبة من الشركاء مثل طيران الإمارات، الاتحاد للطيران، بوينغ، إلى جانب مؤسسات حكومية مثل وزارة الطاقة والهيئة العامة للطيران المدني، بهدف تسريع تبنّي الوقود النظيف.
رصدت «الخليج» أبرز الأنشطة، التي قامت بها شركات طيران الإمارات والاتحاد وفلاي دبي والعربية للطيران، في إطار مساعيها نحو تحقيق رؤية رؤية دولة الإمارات في الحياد الكربوني 2050.
حققت طيران الإمارات تقدّماً لافتاً في مجال الاستدامة، وتصدّرت مؤشر «تصورات الاستدامة 2025» الصادر عن «براند فاينانس». وخلال المشاركة في معرض «انطلاقة الغد» في يوليو/ تموز 2025، استعرضت مبادرات بيئية هامة، أبرزها تقليل استخدام البلاستيك، إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، وتحويل أجزاء الطائرات الخارجة من الخدمة إلى أعمال فنية، إلى جانب إطلاق مشروع لإنشاء أكبر نظام للشعاب المرجانية في دبي.
وعلى مستوى العمليات، نفّذت الشركة برامج على متن رحلاتها، أسهمت في تقليل أكثر من 500 طن من النفايات سنوياً، مع استخدام أدوات طعام قابلة للتحلل، وبطانيات مصنوعة من زجاجات معاد تدويرها، كما اعتمدت نهجاً في سلسلة الإمداد الغذائي، عبر شراء المكونات محلياً لتقليل انبعاثات النقل. وبدأت تشغيل رحلات باستخدام الوقود المستدام في عدة مطارات دولية.
تخطط الاتحاد لخفض كثافة الانبعاثات بنسبة 20%، خلال 2025، و50%، بحلول 2035، وصولاً إلى الحياد الكربوني التام، بحلول عام 2050، وسجّلت في أكتوبر 2021 رحلة استثنائية من لندن إلى أبوظبي محققة خفضاً بنسبة 72% في الانبعاثات. وأعلنت الناقلة أنها تعمل على تحديث أسطولها بطائرات حديثة، تستهلك وقوداً أقل بنسبة 25%، حيث بلغ متوسط عمر أسطولها 7.5 سنة فقط، واعتمدت إجراءات مثل تشغيل محرك واحد أثناء السير الأرضي، وتحسين إدارة الوزن، ما أسهم في تقليل 35 ألف طن من انبعاثات الكربون، وتوفير 11 ألف طن من الوقود، في 2024.
واستضافت الشركة ورشة عمل إقليمية تابعة للاتحاد الدولي للنقل الجوي في أبوظبي، في مايو/ أيار 2025، لتسريع تبنّي وقود الطيران النظيف. ووقّعت مذكرة تفاهم مع الهيئة العامة للطيران المدني وشركة «تاليس»، لاختبار حلول لتسهيل المسارات الجوية الصديقة للبيئة، عدا عن استثماراتها في أبحاث الوقود والتجارب الميدانية.
كما اعتمدت أدوات طعام مستدامة، وسيارات كهربائية لخدمات المناولة الأرضية، وأعلنت إزالة أكثر من 233 مليون قطعة بلاستيكية أحادية الاستخدام في 2023.
أكّدت العربية للطيران، في تقريرها السنوي لعام 2024، التزامها بتطبيق نهج الاقتصاد الدائري في خدمات الطائرات، مع ضمان استخدام مواد قابلة للتحلل الحيوي بالكامل، كما أكّدت أن عبوات الأغذية والمشروبات على متن طائراتها قابلة لإعادة التدوير بنسبة 100%، مع اعتماد نموذج متكامل، يشمل تعبئة الطعام بمواد قابلة للتحلل. وكشفت الناقلة نجاحها في إطلاق المرحلة الأولى من نظامها المحسن لإدارة الوقود، ما أسهم في تحسين كفاءة الاستهلاك وتقليل الانبعاثات عبر عملياتها، كما أعلنت الانتقال الكامل إلى أنظمة الصيانة الإلكترونية بدون ورق، من خلال اعتماد نظام إلكتروني داخل الأقسام الهندسية، لتقليل الأثر البيئي.
أعلنت فلاي دبي في 2024، إطلاق مشروع ترقية شامل لأسطول طائرات 737 NG، شمل إعادة تصميم المقصورة لتلبية معايير بيئية حديثة، وأكدت التزامها بتحقيق صافي انبعاثات صفرية، بحلول 2050، عبر الاستثمار في أسطول بوينغ (737 ماكس). حيث توسع أسطول الشركة في 2024 من هذا الطراز ليبلغ نحو 88 طائرة، مع متوسط عمر للطائرات يبلغ نحو 5 سنوات، ما يعزز كفاءة الأداء البيئي.ومن المتوقع استلام 12 طائرة إضافية، بحلول نهاية 2025، وتُحقِّق مجموعة 737 ماكس مستويات متميّزة من التوفير، إذ تُقلِّص استهلاك الوقود والانبعاثات 20% مع تقليل الضجيج بنسبة 50%، مقارنةً بالطائرات التي تحلّ محلها.
اقرأ أيضًا :