يصل فيلم “درويش” إلى موسم الصيف محاطًا بضجيج السينما التجارية، لكنه لا ينجو تمامًا من قالب الأكشن الكوميدي المعتاد، رغم انتمائه المعلن إلى الدراما التاريخية، ويأتي بتوقيع المخرج وليد الحلفاوي والكاتب وسام صبري، وببطولة تضم عمرو يوسف ودينا الشربيني وتارا عماد ومصطفى غريب وأحمد عبد الوهاب وخالد كمال، محاولًا الجمع بين قالب بصري مستوحى من أربعينيات القرن الماضي وحبكة تتلوى في كل اتجاه.
منذ مشاهده الأولى، يلمع “درويش” بديكوراته المصممة بعناية: شوارع مصر القديمة، الأزقة المزدحمة، بيوت الطبقة الراقية، وصولًا إلى أناقة الملابس وتسريحات الشعر التي تستحضر سينما الأربعينيات والخمسينيات، إلا أن هذا البريق البصري يكاد يحجب ما يعانيه السيناريو من ارتباك واضح، فالحكاية تتأرجح مثل موجة لا تستقر، ترتفع أحيانًا بدفعة من مشهد مطاردة متقن، ثم تهبط فجأة بمفاجآت حبكية متكررة تفقد تأثيرها بكثرة استخدامها.
يقدم عمرو يوسف شخصية درويش، محتال وسيم يقود عصابة صغيرة مع حبيبته زبيدة، وبعد سرقة جوهرة مهراجا هندي، يتعرض للخيانة ويُبلغ عنه للشرطة، وبين مطاردة وأخرى، يجد نفسه مُتهمًا بقتل ضابط بريطاني، وهنا تبدأ الاحداث.
ورغم أن يوسف يبدو مرتاحًا في مشاهد الأكشن، إلا أن مساحته الكوميدية تبدو أقل انسجامًا مع أدواته التمثيلية، خصوصًا بجوار مصطفى غريب الذي يتقن هذا اللون تلقائيًا.
ويبرز أداء أحمد عبد الوهاب كإضافة محسوبة، بينما تكشف دينا الشربيني عن قوة حضور واضحة في شخصية زبيدة أما تارا عماد فتظهر في أحد أفضل أدوارها، مجسدة كاريمان، المرأة التي ترى في درويش ما لا يراه في نفسه، وتعيد ترتيب بوصلته الأخلاقية.
الأداء النسائي في الفيلم هو عموده الفقري بحق، فيما تبدو الموسيقى التصويرية أقرب إلى إلحاح مستمر لا يمنح المشاهد لحظة صمت، أما النهاية، فجاءت متسقة مع مسارات الشخصيات، دون محاولة جرّها قسرًا نحو المثاليات.
في المحصلة، “درويش” فيلم يلمع بصريًا ويهتز سرديًا، لكنه يترك أثرًا واضحًا بفضل طاقمه النسائي، إخراجه الحيوي، وروح المغامرة التي ترفرف فوقه حتى لحظته الأخيرة.
