وكالات: في خطوة تعكس حساسية عالم الطيران ودقته، أعلنت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية حظر نقل موازين الحرارة الزئبقية نهائياً على متن الرحلات الجوية، بعدما أثبتت الدراسات أن جرعة ضئيلة من الزئبق قادرة على إضعاف الألمنيوم الذي يشكل العصب الأساسي لهياكل الطائرات.
ويشمل القرار جميع أنواع الأمتعة، سواء المحمولة داخل المقصورة أو المشحونة في مخازن الطائرات، ويمتد كذلك إلى الأجهزة العلمية التي تعتمد على الزئبق، مثل بعض أنواع البارومترات القديمة.
ويوضح خبراء المواد أن للزئبق قدرة فريدة على مهاجمة طبقة الأكسيد التي تحمي الألمنيوم من التلف. وما إن يخترق تلك الطبقة، حتى يفتح الباب أمام تفاعل كيميائي يُعرف بعملية التآكل الاندماجي، يحول المعدن من صلابة وثبات إلى هشاشة مقلقة في وقت قصير، خاصة في البيئة الرطبة التي قد تتوفر داخل المقصورة أو حاويات الأمتعة.
ويشير مختصو السلامة الجوية إلى أنه بقطرة واحدة قد تبدأ سلسلة من التفاعلات تمتد إلى مناطق حساسة من الهيكل المعدني، تشمل المفاصل والبراغي والفواصل المعدنية. ورغم ضآلة الكمية، فإن الضرر قادر على التمدد في صمت.
واعتمدت إدارة الطيران الفيدرالية قرارها ضمن سياسة وقائية تُفضل إخماد الخطر قبل ولادته، مؤكدة أن البدائل الحديثة، سواء الرقمية أو المعتمدة على الكحول، تؤدي الدور نفسه بكفاءة كاملة ومن دون أي تهديد لسلامة الطائرة.
وتبنت المنظمة الدولية للطيران المدني والوكالة الأوروبية لسلامة الطيران الإجراءات عينها، انسجاماً مع مبادئ حماية الركاب والطائرات من أي احتمال للضرر مهما بدا ضئيلاً.

