كالعادة، يختار الممثل المصري محمد رمضان أعماله بعناية فائقة، لتكون ليست مجرد أفلام ترفيهية، بل لوحات إنسانية تعكس الواقع والمشاعر العميقة للمشاهدين، وفيلم “ع زيرو” يثبت مرة أخرى هذا البراعة، حيث يقدم قصة مؤثرة للغاية عن أب فقير يكافح بكل قوته لتأمين العلاج الطبي لابنه المصاب بالسرطان، في رحلة مليئة بالتحديات النفسية، الألم العاطفي، والإصرار على الحياة رغم كل الظروف الصعبة.
عنوان الفيلم “ع زيرو” ليس مجرد كلمة، بل رمز للتضامن الأبوي والحب المطلق، لحظة “حلق” رمضان شعره لتأييد ابنه الذي سيفقد شعره بسبب العلاج الكيميائي، تحولت إلى علامة فارقة في العمل، تمثل التضحية الصامتة التي غالبًا ما لا تُرى، لكنها تُحس وتترك أثرًا عميقًا في قلوب المشاهدين.
ورغم أن شخصية نيللي كريم ليست كبيرة في مساحة الدور، إلا أن حضورها يشع بالقوة الإنسانية؛ فهي تجسد التضحية الحقيقية، فتسعى بكل ما تملك لمساعدة الأب وابنه، متجاوزة حدود راحتها الشخصية، لتأمين المبلغ المالي للعلاج، مما يجعلها حجر زاوية في المشهد الإنساني للعمل.
القصة في جوهرها لا تدور حول الرومانسية التقليدية، بل تركز على المعاناة النفسية العميقة للأب، الصراع الداخلي والشعور بالعجز أمام مرض ابنه، والضغط النفسي الذي يرافق مواجهة مثل هذه المحنة. المشاهد يعيش مع الأب لحظة بلحظة، يشعر بالوجع، ويشارك الأمل الذي يزرعه في قلبه كل ما يخطو خطوة صغيرة نحو إنقاذ حياة من يحب.
ومثل كل أعمال رمضان، يمتزج الألم بالأمل، وتتحول المعاناة إلى رسالة قوية: الخير قادر دائمًا على الانتصار، والأمل يمكن أن يولد حتى في أصعب اللحظات.
لا يقتصر نجاح رمضان على الأداء التمثيلي، بل يبرز أيضًا من خلال توظيف فنه الغنائي داخل أحداث الفيلم بطريقة ذكية، حيث تصبح الأغنية جزءًا من سرد القصة ووسيلة لتحقيق الهدف النبيل، وهو تأمين حياة أفضل للطفل.
“ع زيرو” ليس مجرد فيلم أكشن أو درامي، بل تجربة إنسانية متكاملة، تنجح في مزج الألم والفرح، الوجع والأمل، ليصبح صرخة صادقة عن الحب والتضحية.