لوقت طويل سيطر قطاع النفط على الحيز الأكبر من الاهتمام بقطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط، لكن مؤخرا بدأت الأمور تتغير سريعا مع تركيز دول المنطقة بشكل أكبر على قطاع الغاز الذي قد يشكل الورقة الرابحة خلال الفترة المقبلة.
فإنتاج الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط سينمو بنحو 14 مليار قدم مكعبة يوميا بحلول عام 2030 وفقا لمؤسسة وود ماكينزي وهي كمية تعادل استهلاك قطاع الكهرباء من الغاز في أوروبا.
مستقبل الغاز في المنطقة
وفي هذا الصدد قالت الرئيسة التنفيذية لشركة كريستول إنرجي كارول نخلة في مقابلة مع سكاي نيوز عربية إن منطقة الشرق الأوسط لم تركز على ثروة الغاز لديها بالشكل الأمثل مثلما ركزت على النفط، وذلك لعدة أسباب، أولها أن عائدات مبيعات النفط أعلى من عائدات مبيعات الغاز، والأمر الآخر أن الغاز يحتاج لاسثمارات في البنية التحتية.
وأضافت أن “ما نراه اليوم هو نمط بدأ منذ سنوات قريبة، رأينا دولا مثل السعودية والإمارات وضعت أهدافا جريئة لإنتاح وتصدير الغاز، فالسعودية وضعت مستهدفا لتصدير الغاز في 2030، ومضاعفة إنتاج الغاز، وضخ استثمارات في إنتاج الغاز الصخري في المنطقة”.
كارول أكدت أن “هذا الاتجاه مرحب به، لكن يجب أن لا ننسى بأن هناك دول مثل العراق تحرق سنويا من الغاز أكثر من ما تستهلك محليا، لذلك فإن الاستثمارات التي يتم ضخها الآن في قطاع إنتاج الغاز لا تستهدف فقط زيادة الطاقة الإنتاجية والتصدير، وإنما تحقيق المستهدفات المناخية للمنطقة، وتخفيف العبء المناخي وانبعاثات الكربون من دول كالعراق وغيرها.”
وحول التحديات التي تواجه الاستثمار في قطاع الغاز، قالت كارول نخلة إن “تكلفة الاستثمار في البنية التحتية لتصدير الغاز الطبيعي المسال تعتبر عالية جدا، ولأخذ مثال على ذلك، لم تتمكن قطر من الوصول لإمكانيات التصدير الحالية بين ليلة وضحاها إلا بعد استثماراتها الضخمة في البنية التحتية، ولكن الأمر الإيجابي هو أن أسواق الغاز تطورت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، خصوصا في فرص الاستثمار بالغاز السائل الطبيعي”.
وقالت إن هناك تحد آخر يواجه الاستثمارات في قطاع الغاز، وهو عدم توفر أنابيب نقل لهذا الغاز في المنطقة، فبالرغم من تواجد أماكن كثيرة لإنتاج وتخزين الغاز، لكن ليس هناك إلا خط واحد فقط وهو خط أنابيب دولفين، “وهو أمر يجب أن يتم العمل على حله، لكن هناك عوامل جيوسياسية تؤثر على هذا الموضوع”.
تحول الطاقة ومصادرها
وفيما يخص عملية التحول نحو الطاقة المتجددة والنظيفة، قالت الرئيسة التنفيذية لشركة كريستول إنرجي، إن “هناك اقتناع عالمي حاليا أننا لازلنا في حاجه للوقود الأحفوري، لأعوام أكثر من الآن، وحتى عندما يتم التحول في مصادر الطاقة مستقبلا بشكل كبير، سنبقى بحاجه للنفط والغاز، وبدرجة أقل الفحم الحجري، وعندما نعزز استخدام تكنولوجيا التقاط الكربون، فإننا نعزز إنتاج واستهلاك النفط والغاز، ولكن نخفف من العبء البيئي من إنتاجهم وتأثيرهم على المناخ، إذا هذه التقنية تساعد على استمرار الاستثمار في قطاع النفط والغاز، وإنتاجه واستهلاكه”.
كارول أضافت أن هذه التقنية ليست جديدة، وهي متواجدة منذ سنوات، والشركات الأجنبية والمحلية تعرف كيف تستخدم وتستثمر تكنولوجيا التقاط الكربون، لكن السبب الأهم وراء عدم تطور هذه التقنية هو التحديات الاقتصادية، فشركات النفط الكبرى في المنطقة لديها التمويل الكافي، لكن هناك علامات استفهام حول مدى استمرارية وحجم الاستثمارات التي ستضعها هذه الشركات في تطوير هذه التقنية، لكن كارول نخلة تتوقع أن تشهد هذه التقنية دفع أكثر نحو تطويرها في منطقة الشرق الأوسط.
وفيما يخص إمكانية أن تسهل تقنية التقاط الكربون من عملية الانتقال نحو الطاقة النظيفة، قالت كارول إن العالم أصبح أكثر قناعة أن التحول في مجال الطاقة لازال يحتاج لبعض الوقت ولن يحدث بين ليلة وضحاها، وأنه سيتطلب كل مصادر الطاقة المتوفرة، ولكن كلما استخدمنا الوقود الأحفوري في مسار هذا التحول، مع أثر أقل على البيئة، كلما أصبح هناك مستقبل أفضل وأكثر تطورا للطاقة المتجددة.
وحسب رأي كارول فإن تحول الطاقة يعتبر الآن اختياريا وليس أمر يحدث على مستوى مؤسسي، ولن يكون هناك مصادر للطاقة تحل محل مصادر أخرى، وسنستعمل كل مصادر الطاقة المتوفرة.