في محطة الحجاز وسط دمشق، تجمّع اليوم عشرات من أقارب المفقودين السوريين، يحملون صورهم وآمالاً ثقيلة بالكشف عن مصيرهم بعد أن فقدوا في ظروف غامضة خلال سنوات الحرب الطويلة.
يأتي هذا التجمع بعد إطلاق سراح عشرات الأشخاص من السجون السورية قبل نحو ثلاثة أسابيع، عقب سقوط حكومة الرئيس السابق بشار الأسد، لكن مصير العديد من المفقودين لا يزال مجهولاً.
وفاء، ابنة المعتقل علي مصطفى، كانت بين المشاركين في التجمع. وأكدت أن الأقارب لن يتوقفوا عن البحث حتى معرفة الحقيقة الكاملة حول ما حدث للمفقودين.
وقالت وفاء: “نحن هنا اليوم، عائلات المفقودين والمعتقلين السابقين، جئنا من خارج سوريا ومن داخلها لنؤكد أن بحثنا مستمر ولن يتوقف. لن نقبل بأقل من معرفة كل التفاصيل: من اعتقلهم؟ من عذبهم؟ وإذا قُتلوا، من المسؤول عن قتلهم؟ وأين دُفنوا؟”.
من جانبها، وصفت مرح علاوي، والدة شاب اعتُقل عام 2012 وهو في الثامنة عشرة من عمره، معاناتها قائلة: “رأيت كيف عذبوا الشباب ووضعوهم في أقفاص. كان ابني من بينهم، ثم اختفى. أدعو العالم أجمع لمعرفة مكان أبنائنا. ابني مفقود منذ 12 عاماً، أين هو؟”.
وناشدت علاوي المجتمع الدولي تقديم المساعدة للوصول إلى الحقيقة، مشيرة إلى أن معاناة الأهالي مستمرة مع غياب أي معلومات عن أبنائهم الذين غيبهم الاعتقال.
هيئة دولية لتحديد مصيرهم وتعهّد بالمحاسبة
عام 2023، أنشأت الأمم المتحدة هيئة مستقلة للتحقيق في مصير أكثر من 130,000 شخص فُقدوا خلال النزاع السوري. تركز الهيئة على جمع الأدلة ومتابعة الحالات المبلغ عنها، في ظل تقارير متزايدة عن الظروف القاسية والتعذيب الممنهج في السجون السورية.
وتقول منظمات حقوقية إن نظام الأسد، ومعه والده حافظ الأسد سابقاً، اعتمد أساليب قمعية قاسية داخل السجون. وتشير التقارير إلى وجود عمليات تعذيب ممنهج وعمليات إعدام سرية في أكثر من عشرين منشأة تديرها المخابرات السورية، إلى جانب مواقع أخرى.
المعتقلون السابقون وجماعات حقوق الإنسان يؤكدون أن الكشف عن الحقيقة هو السبيل الوحيد لتحقيق العدالة لعائلات المفقودين وإنهاء سنوات من المعاناة والانتظار.
وكانت السلطات الجديدة في سوريا، بقيادة هيئة تحرير الشام، أعلنت التزامها بمحاسبة المسؤولين السابقين وتقديمهم إلى العدالة.