أكد وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، أن حكومة بلاده عازمة على تحقيق الاستقرار المالي على المدى القصير، وذلك بعد أعلنت رفع نسبة الفائدة لنحو الضعف، وذلك لأول مرة منذ عامين تقريباً.
وقال شيمشك في تصريح للصحفيين في أنقرة: “سياساتنا الاقتصادية تهدف إلى ضمان استقرار الأسعار وتحقيق الاستقرار المالي على المدى القصير، ونحن مصمّمون على تحقيق هذه الأهداف”.
وأضاف: “هذه مرحلة بدأت مع بيان البنك المركزي أمس، وستتم إدارة هذه المرحلة بحزم وبشكل تدريجي”، بحسب ما نقلت وكالة “الأناضول” التركية.
وكان المركزي التركي أعلن أمس رفع نسبة الفائدة من 8.5% إلى 15% لأول مرة منذ نحو عامين. وعقب الإعلان عن القرار انخفضت الليرة التركية إلى مستويات قياسية، وتجاوزت حاجز الـ25 ليرة مقابل الدولار الأمريكي.
تغيير في السياسة النقدية
واعتبر المحلل الاقتصادي الدكتور يحيى السيد عمر، أن رفع نسبة الفائدة في تركيا يُعدّ انتقالاً للسياسة النقدية للمركزي التركي إلى النقيض تماماً.
وحول أسباب رفع سعر الفائدة التركية، قال السيد عمر لموقع “أورينت نت” إنه خلال “العامين الفائتين أصرت الحكومة التركية على اعتماد سياسة نقدية توسعية لمعالجة التضخم، والتي تقوم في جوهرها على خفض سعر الفائدة، وخلال الأشهر الأولى من هذا العام أدت هذه السياسة لخفض التضخم من 85% إلى أقل من 40%؛ لكنها لم تحقق نتائج إيجابية على مستوى سعر الصرف والاستثمارات الأجنبية”.
وأضاف: “في بداية الولاية الرئاسية الجديدة للرئيس رجب طيب أردوغان، هناك سعي لتعزيز صورة السياسة النقدية التركية أمام المستثمرين الأجانب، وخاصة لناحية استقلالية البنك المركزي عن السلطة السياسية، لافتاً إلى أن تعيين إدارة مالية جديدة تتمثل بشيمشك وزيراً للمالية، وحفيظة غاية أركان محافظة للبنك المركزي، تشير لتغيير في السياسة النقدية التركية.
سبب تراجع صرف الليرة
وبحسب السيد عمر، خالف المركزي التركي توقعات مراكز الأبحاث الغربية برفع الفائدة إلى 20 أو 25%، وذلك لامتصاص الصدمة الاقتصادية الناتجة عن تغيير السياسة النقدية التركية.
وأوضح أن تراجع سعر صرف الليرة التركية بعد قرار الرفع يعود إلى أن سعر الفائدة تم رفعه إلى أقل بكثير من المتوقع، وتوقع أنه خلال الأيام القادمة يمكن أن تعود الليرة التركية إلى مستوياتها السابقة، وفي ظل استمرار رفع سعر الفائدة، قد تتحسن قيمتها ويتراجع التضخم.
كما من المتوقع بحسب السيد عمر أن يؤثر قرار الرفع على زيادة الأعباء الاقتصادية على الأسر التركية في المدى القصير، وكذلك على تراجع الإنتاج الاقتصادي نتيجة ارتفاع تكلفة التمويل، فيما قد تتراجع معدلات نمو الاقتصاد التركي، ولكن هذه الآثار قد تتراجع حدّتها حال دخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى البلاد.
الأولوية لمعالجة التضخم
وبيّن السيد عمر أن الحكومة التركية أعطت من خلال قرار رفع الفائدة الأولوية التامة لمعالجة التضخم، لذلك من المتوقع أن يستمر رفع سعر الفائدة بوتيرة مرتفعة حتى يصل إلى 25%،وعندها سيتم تقييم الأثر على التضخم، وتحديد مستوى التغيير المستقبلي.
وتوقع أن تتحسن قيمة الليرة التركية، والقيمة الحقيقية للأجور، مقابل تراجع معدل النمو الاقتصادي والتضخم، وازدياد البطالة بنسب ضئيلة.
واعتبر السيد عمر أن انتقال السياسة النقدية التركية من النقيض إلى النقيض يعزز من التذبذبات الحادة في سياسة المركزي التركي، وقد يؤثر على ثقة المستثمرين بمستقبل الاقتصاد التركي، إلا في حال قامت الحكومة التركية بإجراءات تكسب بها ثقة المستثمرين.
التضخم وسياسة خفض الفائدة
ورفع البنك المركزي التركي نسبة الفائدة الأساسي 650 نقطة أساس إلى 15 بالمئة في تراجع عن سياسة أردوغان الخاصة بخفض أسعار الفائدة.
وأعلن أردوغان أول أمس الأربعاء أن قناعته بشأن ضرورة خفض معدلات الفائدة “لا تزال على حالها”، لكنه ألمح إلى أنه أعطى موافقته على زيادة نسب الفائدة.
وفي أول اجتماع له بعد تعيين حفيظة غاية أركان في منصب المحافظ، غيّر البنك المركزي مساره بعد أن انتهج لسنوات سياسة التيسير النقدي التي انخفض فيها معدل اتفاقيات إعادة الشراء “الريبو” لأجل أسبوع واحد إلى 8.5 بالمئة من 19 بالمئة في عام 2021 رغم ارتفاع التضخم.
ويشهد الاقتصاد التركي أزمة مستمرة وصلت ذروتها مع ارتفاع معدلات التضخم أكثر من 80 بالمئة العام الماضي، قبل أن يتراجع من ذروته إلى حدود الـ40 بالمئة، فيما يشكك خبراء الاقتصاد المستقلون في الأرقام الرسمية ويقدرون نسبة التضخم بأكثر من 100%.