يأتي ذلك وسط تبادل للمسؤولية بين طرفي الصراع في السودان بشأن تلك الأعمال التي تستهدف الممتلكات الخاصة والعامة، بينما يزداد الانشغال بأعمال القتال وفرار الكثير من الأسر، لتعود ظاهرة “عصابات المدن والشوارع” التي درجت على هذه الأعمال منذ فترة طويلة.
ودعا والي الخرطوم المُكلف، أحمد عثمان حمزة، المواطنين إلى “رفع حسهم الأمني وتكوين لجان في الأحياء لتأمينها من النهب والسلب”، كما أُطلقت مناشدات للعاملين في الخدمات المختلفة “لتوفيرها للحد من الأزمة الراهنة”.
فتوى بشأن النهب
وفي خضم تزايد أعمال النهب بالسودان، أصدرت هيئة شؤون الأنصار للدعوة، وهي من أكبر الهيئات الدينية بالبلاد، فتوى أكدت خلالها “تحريم أخذ أي شيء من أموال الناس دون رضا أصحابها”، مشددة على أنه “لا يجوز شراء الأشياء المنهوبة لما في ذلك من تشجيع على النهب والسرقة”.
وناشدت الهيئة أيضا بـ”تكوين لجان في المناطق والأحياء المختلفة لحماية الممتلكات العامة والخاصة، وجمع ما وجدته منهوبا وحصره في كشوفات، ووضعه في مكان آمن تحت حراسة من تختارهم من المقتدرين؛ وإعادته لأصحابه إذا وجدوا”.
واعتبر سودانيون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الأزمة الراهنة “خلفت وضعا إنسانيا صعبا على الأرض، على رأسه اضطرار أسر كاملة للنزوح إلى ولايات بعيدة عن مناطق الاشتباكات، أو الفرار لدول مجاورة مثل مصر أو تشاد”.
وأضافوا أن “الولايات السودانية شهدت نقصا في السلع والخدمات المقدمة، كما زادت عمليات السرقة للممتلكات، خاصة الحكومية التي لم يعد بالإمكان السيطرة الأمنية عليها”.
وأشاروا إلى “تشكيل بعض المناطق للجان شعبية، حيث يحمي أفراد من العائلات ممتلكاتهم، ويتصدون للعصابات، ويساعدون السلطات المحلية”.
وتشكل عصابات النهب المنظم، قلقا كبيرا للمواطنين والأجهزة الأمنية في الخرطوم.
تفاقم الأزمة
وبحسب الأمم المتحدة، فإن ثلثي سكان السودان، أو ما يقدر بـ 15.8 مليون، بحاجة إلى مساعدات إنسانية في عام 2023، في حين يؤكد برنامج الغذاء العالمي أن أكثر من 5 ملايين شخص هناك يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وحدد الكاتب والباحث السياسي السوداني، ماهر أبو الجوخ، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، تداعيات الوضع الأمني الراهن في عدد من النقاط، تشمل:
- “غياب الشرطة وكسر السجون، يضاف إليه زيادة مساحة الفقر والأوضاع الناتجة عن الحرب، مما خلق بيئة مواتية لتفشي جرائم السلب والنهب التي طالت البنوك والشركات وحتى بيوت المواطنين، خاصة التي غادرها أهلها إثر الاشتباكات التي تدور داخل الأحياء السكنية في الخرطوم وأم درمان وبحري”.
- “استمرار الحرب بين الأطراف المتنازعة سيترتب عليه المزيد من عدم الاستقرار الأمني، وسيفاقم شح الإمدادات الغذائية والمياه والدواء والوقود في الخرطوم، وتعطل وسائل الشراء الإلكتروني، وعدم صرف رواتب الموظفين، وارتفاع الأسعار، وسيحد مقدرة المواطنين بالخارج على تحويل الأموال للسودان”.
- “سيناريو هذه الكوارث التي تدق بأقدامها بقوة، يجعل الخيار الوحيد لتجاوزها هو إيقاف الطرفين لهذه الحرب فورا، والشروع في فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات والعودة التدريجية للحياة في المجالات الحيوية كالكهرباء والمياه والدواء والاتصالات المرتبطة بخدمات الإنترنت والتطبيقات البنكية”.
- “إيقاف القتال سيؤدي إلى فتح الباب لاستيراد الاحتياجات الأساسية ريثما يتم إصلاح وإعادة تشغيل المصانع التي دمرتها هذه الحرب”.