بقلم: يورونيوز
نشرت في
•آخر تحديث
انطلقت اليوم السبت 22 تشرين الثاني/نوفمبر في مدينة جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا أعمال قمة مجموعة العشرين، وذلك للمرة الأولى على الأراضي الإفريقية، في ظل غياب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قاطع الاجتماع، بينما حضر الملف الأوكراني بقوة على الطاولة مع تصاعد التحركات الأوروبية بموازة الخطة الأميركية المقترحة لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو أربع سنوات.
رسائل افتتاحية
في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، شدد الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا على أهمية التعددية والشراكات الدولية لمواجهة التحديات المعقدة التي يواجهها العالم، قائلاً إن “التهديدات التي تعترضنا لا يمكن مواجهتها إلا من خلال التعاون والشراكات”، مؤكداً أن صدور إعلان مشترك من القادة “سيكون إشارة مهمة على أن التعددية قادرة على تحقيق نتائج، وهي تُحققها بالفعل”.
من جهته، أكد رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا على أن “التعددية دفاعنا الأفضل وربما الوحيد ضد الاضطرابات والعنف والفوضى، وقد طبقت جنوب إفريقيا التعددية عمليًا”.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن دول المجموعة “تواجه صعوبة في التوصل إلى معيار مشترك بشأن المشهد الجيوسياسي”، سواء تعلق الأمر بـ”الدفاع عن القانون الإنساني أو سيادة الشعوب أو الكرامة الإنسانية”.
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أوضح أنه “لا شك أنّ الطريق صعب.. علينا أن نجد سبلا للقيام بدور بنّاء مجددا في مواجهة التحديات العالمية”.
بدوره، اعتبر رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ أنّ “الأحادية والحماية التجارية تتفشّيان.. كثيرون يتساءلون عمّا آل إليه التضامن العالمي”.
إعلان مجموعة العشرين
لاحقًا، أصدر قادة مجموعة العشرين إعلانًا مشتركًا دعوا فيه إلى تحقيق “سلام عادل وشامل ودائم” في أوكرانيا والسودان وجمهورية الكونغو الديموقراطية والأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدين في الوثيقة التي اعتمدتها قمة جوهانسبرغ أن هذا التوجّه يأتي “استرشادا بمقاصد ميثاق الأمم المتحدة برمته ومبادئه”. وتضمّن الإعلان كذلك تعهّدًا بالعمل على حماية سلسلة القيمة لإمدادات المعادن الحيوية من “التوترات الجيوسياسية” و”التدابير التجارية الأحادية”، موضحًا أن المجموعة تسعى إلى “ضمان أن تكون سلسلة القيمة للمعادن الحيوية أكثر قدرة على تحمل الاضطرابات، سواء كانت ناجمة عن توترات جيوسياسية أو تدابير تجارية أحادية لا تتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية أو مكافحة الأوبئة أو الكوارث الطبيعية”.
قادة غربيون: خطة ترامب لأوكرانيا “أساس يتطلب المزيد من العمل”
اعتبر قادة غربيون على هامش قمة مجموعة العشرين في جنوب إفريقيا أن الخطة الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا “تشكل أساسا سيتطلب المزيد من العمل”.
وقال زعماء دول أوروبية رئيسية، بالإضافة إلى كندا واليابان، في بيان مشترك “نحن واضحون بشأن مبدأ عدم جواز تغيير الحدود بالقوة. كما نشعر بالقلق إزاء القيود المقترحة على القوات المسلحة الأوكرانية والتي من شأنها أن تجعل أوكرانيا عرضة لهجمات مستقبلية”.
ووقع على النص قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وإيرلندا وفنلندا والنروج والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى رئيسي وزراء كندا واليابان.
صدر البيان عقب اجتماع عاجل على هامش قمة العشرين في جوهانسبرغ ردا على الخطة الأميركية التي طرحها ترامب.
وقال الزعماء إنهم “يرحبون بالجهود الأميركية المتواصلة لإحلال السلام في أوكرانيا”، مضيفين أن الخطة المؤلفة من 28 نقطة “تتضمن عناصر مهمة” لتحقيق هذا الهدف.
وأضاف البيان “نعتقد بالتالي أن المسودة تشكل أساسا سيتطلب المزيد من العمل”.
وشدد على أن “تنفيذ العناصر المتعلقة بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي سيحتاج إلى موافقة أعضاء الاتحاد الأوروبي والناتو”.
وتابع القادة الموقعون “نحن مستعدون للمشاركة من أجل ضمان استدامة السلام مستقبلا”.
أولويات جنوب إفريقيا
وترتكز أولويات رئاسة جنوب إفريقيا لمجموعة العشرين هذا العام على أربعة محاور أساسية: تعزيز القدرة على مواجهة الكوارث الطبيعية، وضمان استدامة الدين للدول منخفضة الدخل، وتعبئة التمويل من أجل انتقال عادل للطاقة، إضافة إلى الاستفادة المستدامة من المعادن الحيوية لتعزيز النمو الشامل والتنمية الاقتصادية.
وشدد رامافوزا على ضرورة إدراج قضايا المساواة، والنمو الشامل، والأمن الغذائي، والتصنيع، والذكاء الاصطناعي ضمن جدول الأعمال لضمان شمولية القرارات، خصوصاً للدول النامية.
كما أدرجت بريتوريا ضمن أولوياتها إنشاء لجنة دولية معنية بقضايا التفاوت الاقتصادي على غرار لجنة الأمم المتحدة الخاصة بتغير المناخ. وتشمل محاور القمة أيضاً تخفيف أعباء الديون، واستغلال المعادن اللازمة للتحول في مجال الطاقة، وهي موارد تتوافر بكثرة في القارة الإفريقية، إضافة إلى الذكاء الاصطناعي.
وتضم مجموعة العشرين 19 دولة إلى جانب الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، وتُمثل نحو 85 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وما يقارب ثلثي سكان العالم. وقمة جوهانسبرغ تُختتم دورة رئاسات دول الجنوب العالمي بعد إندونيسيا (2022) والهند (2023) والبرازيل (2024).
واشنطن تقاطع القمة وتعترض على الإعلان الختامي
ورغم غيابها عن القمة، عارضت الولايات المتحدة إصدار بيان ختامي، معتبرة أن أولويات القمة “تتعارض مع توجهاتها السياسية”. كما وجه ترامب انتقادات حادة للحكومة الجنوب إفريقية منذ عودته إلى البيت الأبيض، خصوصاً بشأن الاتهامات المتعلقة بما يصفه “اضطهاداً للأفريكانيين”، أحفاد المستوطنين الأوروبيين الأوائل، وهي اتهامات ترفضها بريتوريا.
وتأتي المقاطعة في سياق انسحابات أميركية متتالية من هيئات واتفاقيات دولية، بينها انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ، إضافة إلى عدم إرسال أي وفد رسمي إلى مؤتمر المناخ المنعقد في البرازيل.
وتُعطى المناقشات المتعلقة بالمناخ أهمية متزايدة في القمة، فيما يبدو مؤتمر الأطراف الثلاثين للمناخ (كوب30) غارقاً في صعوبات كبيرة تتعلق بالتوصل إلى اتفاق حول خريطة طريق للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، المساهم الأكبر في الاحترار العالمي. ولم يستبعد الاتحاد الأوروبي احتمال فشل المؤتمر في التوصل إلى اتفاق شامل.
رئاسة مجموعة العشرين تنتقل إلى الولايات المتحدة
وعقب ختام القمة الأحد، ستسلم جنوب إفريقيا الرئاسة الدورية للمجموعة إلى الولايات المتحدة، وسط توقعات بأن تمثل واشنطن في مراسم التسليم من قبل دبلوماسي مقيم في جنوب إفريقيا. وأعلنت إدارة ترامب أنها ستركز خلال رئاستها المقبلة على قضايا التعاون الاقتصادي.

