بقلم: يورونيوز
نشرت في
بعد أسابيع من التساؤلات حول مصيره عقب الإفراج عنه، أعاد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو فتح ملف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، مؤكّدًا احتمال عودته إلى فرنسا “في الأيام المقبلة”.
وصنصال، الذي قضى عامًا في السجن في الجزائر، كان محور أزمة دبلوماسية حادة بين باريس والجزائر، وزاد سجنه من تعقيد العلاقات الثنائية، إذ أصبح الملف أحد أبرز مصادر التوتر بين البلدين.
وفي مقابلة مع فرانس إنتر وفرانس إنفو ولوموند، أوضح بارو أن صنصال موجود حاليًا في السفارة الفرنسية في برلين، وأن نتائج فحوصه الطبية تشير إلى إمكانية عودته إلى فرنسا قريبًا. وأضاف أن إطلاق سراحه يمثل “انتصارًا للدبلوماسية الفرنسية والألمانية، وانتقادًا مدويًا لأنصار النهج المتشدد”.
ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إطلاق سراح صنصال بأنه “نتيجة سياسة ترتكز على الاحترام والهدوء”، ما يبرز “نجاح توجه الحكومة الحالية في إدارة العلاقات مع الجزائر”.
وأشار الوزير الفرنسي إلى أن فرنسا تسعى لإجراء حوار مع الجزائر يقوم على “الدفاع عن المصالح الفرنسية واحترام سيادة الجزائر”، مشددًا على أهمية الإفراج عن الصحافي الفرنسي كريستوف غليز، الذي حُكم عليه بالسجن سبع سنوات بتهمة “تمجيد الإرهاب” وينتظر محاكمته أمام الاستئناف في 3 ديسمبر المقبل.
وصنصال، البالغ من العمر 81 عامًا والمصاب بسرطان البروستاتا، وصل إلى ألمانيا يوم الأربعاء الماضي لتلقي العلاج، بعد أن وافقت الجزائر على طلب ألماني بالعفو عنه لأسباب إنسانية، وفق بيان للرئاسة الجزائرية. وأوضح مكتب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن صنصال وصل إلى المطار وهو في طريقه إلى المستشفى، فيما قالت المتحدثة باسم الرئيس الألماني، كيرستين غاملين، إن نقله إلى ألمانيا تم “كبادرة إنسانية” نظرًا لحالته الصحية وبلوغه سنًا متقدمًا.
وكان الرئيس الألماني قد دعا نظيره الجزائري عبد المجيد تبون للعفو عن صنصال، الذي حُكم عليه بالسجن خمس سنوات وغرامة مالية كبيرة بتهمة “المساس بوحدة الوطن”، مؤكدًا أن ألمانيا ستوفر له الرعاية الصحية اللازمة.
وعبرت عائلة الكاتب عن قلقها بشأن صحته، مشيرة إلى أن ابنته كانت متشائمة قليلًا نظرًا للحالة الحرجة لصنصال، لكنها ظلت متفائلة بإمكانية تحسن وضعه الصحي.
وكشفت مصادر فرنسية أن باريس ضغطت خلف الكواليس للإفراج عن صنصال، لكنها واجهت جمودًا في العلاقات مع الجزائر، ما دفعها لمحاولة فتح قناة وساطة عبر إيطاليا، لكن المقترح قوبل بالرفض سريعًا من قبل الرئيس تبون. عندها تحولت الجهود الفرنسية نحو ألمانيا، التي تتمتع بثقة الجزائر وتاريخ من التعاون المتوازن معها، فكانت الطرف الأنسب لقيادة مفاوضات غير مباشرة للإفراج عن الكاتب ونقله لتلقي العلاج.
ومن جهته، أكد قصر الإليزيه في بيان مساء الأربعاء أن “سياسة ليّ الذراع لا تجدي نفعًا” في التعامل مع “دول ذات سيادة” مثل الجزائر، في إشارة إلى رفض أساليب الضغط المباشر في إدارة العلاقات الثنائية.
ويعد بوعلام صنصال شخصية بارزة في الأدب الفرانكفوني الحديث في شمال إفريقيا، ومعروفًا بانتقاداته للسلطات الجزائرية والجماعات الإسلامية.
وكان قد أدلى بتصريحات في أكتوبر/تشرين الأول 2024 أثارت جدلاً كبيرًا، اعتبرت بموجبها محكمة جزائرية أنه “أساء للوحدة الوطنية”، ما أدى لإدانته بالسجن خمس سنوات في مارس/آذار 2025.
وفي مكالمة هاتفية نقلتها صحيفة “لوبوان”، قال صنصال إنه في حالة جيدة و”قوي”، مؤكدًا أن السجن لن يدمره، ومتحدثًا عن تفاؤله بتحسن العلاقات الفرنسية–الجزائرية بعد هذه الأزمة.

