كتبت – مروة السيد : دعت الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب إلى إعلان مدينة آسفي منطقة منكوبة، على خلفية الفيضانات العنيفة التي ضربت الإقليم وخلفت حصيلة ثقيلة من الضحايا والخسائر، بعدما أودت بحياة 37 شخصًا وتسببت في أضرار بشرية ومادية جسيمة.
وحملت الجمعية، في بلاغ لها، الجهات الحكومية المعنية مسؤولية التقصير في اعتماد تدابير استباقية فعالة من شأنها الحد من آثار الكوارث الطبيعية، وحماية الأرواح والممتلكات، خاصة بالمناطق المعروفة بهشاشتها البيئية والبنيوية.
وأكدت عزمها اللجوء إلى القضاء في إطار التقاضي الاستراتيجي، من خلال رفع دعوى ضد رئيس الحكومة أمام المحكمة الإدارية بالرباط، للمطالبة بإعلان آسفي منطقة منكوبة وتمكين الساكنة المتضررة من الاستفادة من الآليات القانونية والمالية المترتبة عن هذا التصنيف، بما يضمن جبر الضرر الفردي والجماعي واتخاذ التدابير الاستعجالية والهيكلية اللازمة.
كما وجهت الجمعية نداءً إلى الهيئات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات الوطنية من أجل توحيد الجهود والترافع المشترك لإنصاف الضحايا، وضمان عدم الإفلات من المسؤولية، مطالبة بوضع سياسة عمومية ناجعة للوقاية من الفيضانات والكوارث الطبيعية، قائمة على التخطيط المسبق وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وجددت الجمعية التزامها بالدفاع عن الحقوق والحريات، وتسخير كل الوسائل القانونية لحماية كرامة المواطنين وصون حقهم في الأمن الإنساني والعدالة المجالية.
وأعربت الجمعية عن بالغ حزنها وأسفها لما خلفته الفيضانات من معاناة إنسانية قاسية، مؤكدة تضامنها المطلق مع المتضررين، وتقديمها التعازي لأسر الضحايا، مع التمنيات بالشفاء العاجل للمصابين، والتأكيد على الوقوف إلى جانب الساكنة في هذه المحنة.
من جهتها، أعلنت السلطات المحلية بآسفي ارتفاع عدد الوفيات إلى 37 شخصًا، فيما بلغ عدد المصابين 14، يتلقون العلاج بالمستشفى الإقليمي محمد الخامس، من بينهم حالتان تخضعان للعناية المركزة.
وعلى مستوى الخسائر المادية، تضررت أحياء عدة، خصوصًا بالمدينة القديمة، حيث غمرت مياه الأمطار نحو 70 منزلًا ومحلاً تجاريًا، خاصة بشارع بئر أنزران وساحة أبو الذهب، إضافة إلى جرف السيول لما يقارب عشر سيارات، وتضرر مقطع طرقي يربط آسفي بجماعة احرارة عبر الطريق الإقليمية رقم 2300، مع تسجيل انقطاعات في حركة المرور بعدة محاور داخل المدينة.
وعُقد اجتماع طارئ بمقر عمالة إقليم آسفي، ترأسه والي جهة مراكش–آسفي، بحضور عامل الإقليم ورئيس مجلس الجهة وممثلي السلطات الأمنية والمصالح اللاممركزة، خُصص لتقييم الوضع العام وحجم الأضرار، وتدارس الإجراءات الاستعجالية الكفيلة بالتخفيف من آثار الفيضانات وضمان سلامة المواطنين.
وتم التأكيد خلاله على تعبئة الموارد البشرية واللوجستيكية، وتعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين، والإبقاء على مستوى عالٍ من اليقظة إلى حين معالجة الانعكاسات في أقرب الآجال وتقديم الدعم اللازم للمتضررين.
وفي السياق ذاته، أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بآسفي فتح بحث قضائي بشأن هذه الفاجعة، فيما عاد إلى الواجهة نقاش تعويض المتضررين ماديًا، وتفعيل صندوق التضامن ضد الكوارث الطبيعية.
وأكد فاعلون مدنيون وقانونيون أن ما حدث يرقى إلى كارثة طبيعية تستوجب اعترافًا رسميًا وتعويضًا من الدولة، باعتبارها مسؤولة عن الأضرار الناجمة عن الإهمال وغياب الإجراءات الوقائية، استنادًا إلى مقتضيات دستورية وسوابق قضائية.
وشدد باحثون في الشأن القانوني على أن الفيضانات ليست حدثًا غير متوقع، بل يمكن التخفيف من آثارها عبر التخطيط المسبق وصيانة البنيات التحتية، داعين إلى مساءلة المسؤولين عن التقصير، وتسريع المساطر القانونية لضمان إنصاف الضحايا وتعويضهم، بما يعزز الثقة ويكرس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
من جهته عبّر عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن حزنه العميق وتعازيه الصادقة في ضحايا الفاجعتين اللتين عرفتهما مدينتا فاس وآسفي خلال الأيام الماضية، إثر انهيار عمارتين بمدينة فاس، والسيول والفيضانات التي ضربت مدينة آسفي عقب تساقطات مطرية رعدية قوية.
وأوضح ابن كيران، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، أن هاتين الحادثتين خلفتا عددًا كبيرًا من القتلى والمصابين، إلى جانب خسائر مادية مهمة، معربًا عن أسفه الشديد لما آلت إليه الأوضاع، ومؤكدًا أن ما وقع خلّف ألمًا بالغًا في نفوس الجميع.
كما دعا الله تعالى أن يحفظ المغرب من كل مكروه، وأن يتغمد الضحايا بواسع رحمته، ويرزق ذويهم الصبر والسلوان، مع التمني بالشفاء العاجل للمصابين، مجددًا تعازيه ومواساته لأسر الضحايا، ومؤكدًا تضامنه الكامل مع ساكنة فاس وآسفي في هذا الظرف العصيب.

